
في كلمات قليلة
مع استمرار إضرابات السكك الحديدية في فرنسا، يُطرح مجدداً التساؤل حول إمكانية حظرها خلال فترات الأعياد والعطلات. يرى الخبراء القانونيون أن هذا الحظر قد يتعارض مع الحق الدستوري في الإضراب.
يتجدد الجدل في فرنسا حول إمكانية منع الإضرابات في قطاع النقل خلال فترات الأعياد والعطلات الكبرى. يظهر هذا النقاش في كل مرة تتأثر فيها حركة قطارات شركة السكك الحديدية الفرنسية (SNCF) بتحركات اجتماعية، كما هو الحال حالياً مع الإضراب الذي يؤثر على عطلة شهر مايو.
في خضم الأحداث الجارية، يدعو بعض السياسيين إلى استئناف دراسة مشروع قانون سبق أن وافق عليه مجلس الشيوخ في أبريل 2024 ولكنه لم يُعرض على الجمعية الوطنية. يقترح المشروع إمكانية تعليق الحق في الإضراب في قطاع النقل خلال ساعات الذروة وحوالي ثلاثين يوماً في السنة خلال فترات السفر الكثيفة.
لكن الخبراء القانونيين يحذرون من أن تقييد هذا الحق الدستوري قد يكون صعباً. الحق في الإضراب له قيمة دستورية في فرنسا، حيث يُذكر في ديباجة دستور عام 1946. على الرغم من أن الصيغة تنص على أن "الحق في الإضراب يُمارس في إطار القوانين التي تنظمه"، مما قد يوحي بإمكانية تقييده تشريعياً، فإن السوابق القضائية للمجلس الدستوري هي الفيصل.
وفقاً لأساتذة القانون، فإن المجلس الدستوري يحمي الحق في الإضراب بقوة. لا يمكن تقييده إلا إذا كان ذلك مبرراً بحق دستوري آخر أو من أجل المصلحة العامة، مثل الأمن العام أو الصحة العامة (ولهذا لا يمكن لرجال الشرطة أو الأطباء في المستشفيات التوقف عن العمل).
القوانين التي سُنّت سابقاً لتنظيم الإضراب في النقل، مثل إلزام المضربين بالإعلان عن نيتهم قبل 48 ساعة، لم يلغها المجلس الدستوري لأنها لم تمنع ممارسة الحق في الإضراب، بل نظمت كيفية ممارسته.
غالباً ما يستند المؤيدون لحظر الإضرابات في العطلات إلى مبدأ استمرارية الخدمات العامة. لكن ليس مؤكداً أن القاضي سيعتبر العطلات ضرورية بما يكفي لسير عمل الأمة لتبرير تقييد قوي للحق في الإضراب. كما يطرح سؤال: لماذا تُمنع الإضرابات في العطلات وليس عندما يحتاج الناس للذهاب إلى العمل يومياً؟
يؤكد المعارضون للقيود أن القدرة على الإضراب تحديداً في فترات الذروة أو ساعات الازدحام هي ما يمنح الموظف القدرة على التأثير في المفاوضات. منع الإضراب في هذه الأوقات سيفرغ الحق من جوهره عملياً.
بدلاً من الحظر الكامل في تواريخ محددة، طرح وزير النقل الفرنسي مقترحات تنظيمية أخرى، منها إجبار المضربين على الإعلان عن نيتهم قبل 72 ساعة (بدلاً من 48) ومنع الإشعارات التي تُقدم لأشهر وتسمح للنقابات بالتهديد ببدء الإضراب في أي وقت. يرى الخبراء القانونيون أن مثل هذه الإجراءات أقل عرضة للرفض من قبل المجلس الدستوري لأنها تنظم الإضراب ولا تمنعه تماماً في أوقات معينة.
خلال الأيام الأخيرة، تسببت إضرابات عمال السكك الحديدية في إلغاء بعض القطارات الإقليمية (TER) وتعطيل خطوط قطارات الضواحي (RER و Transilien) في مناطق مختلفة، بما في ذلك منطقة إيل دو فرانس. في المقابل، لم تتأثر حركة القطارات السريعة (TGV و Ouigo). يطالب عمال السكك الحديدية المضربون بتحسين العلاوات المتعلقة بالعمل والقيادة، والتي تُعد جزءاً أساسياً من رواتبهم.
تسببت إضرابات سابقة في SNCF في تعطيل خطط السفر خلال عطلات عيد الميلاد عام 2022 وعطلات فبراير 2024، مما أثار استياء العديد من المسافرين.