
في كلمات قليلة
توفي الأكاديمي والمنظر السياسي الأمريكي جوزيف ناي عن عمر يناهز 88 عاماً، وهو صاحب مفهوم "القوة الناعمة" الذي يصف قدرة الدولة على التأثير عبر الجاذبية لا القسر. رأى ناي أن "القوة الناعمة" الأمريكية تراجعت، خاصةً تحت إدارة ترامب، وشرح كيف أثرت أحداث مثل حرب العراق على صورة الولايات المتحدة في العالم.
توفي جوزيف ناي، الأكاديمي والمنظر السياسي الأمريكي البارز في مجال العلاقات الدولية، والمعروف بأنه مبتكر مفهوم "القوة الناعمة"، يوم 6 مايو عن عمر يناهز 88 عاماً.
منذ عام 1990، قدم ناي فكرة مفادها أن قوة الدولة لا تعتمد فقط على القدرات العسكرية والاقتصادية. بل قدم مفهوم "القوة الناعمة" (soft power) – وهي قدرة الدولة على الجذب والإقناع باستخدام ثقافتها وقيمها السياسية وسياستها الخارجية، بدلاً من الإكراه أو التهديد.
وفقاً للتصنيفات العالمية الحديثة، تراجعت "القوة الناعمة" للولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. فسر جوزيف ناي ذلك، جزئياً، بسبب خطاب وإجراءات دونالد ترامب. كان يعتقد أنه عندما يشكك الرئيس في سيادة الحلفاء ويهددهم، فإن هذه ليست أفضل طريقة لكسب تأييد الآخرين.
وأشار ناي إلى أنه في وقت سابق، على سبيل المثال، الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ورغم نجاحه عسكرياً، إلا أنه ألحق ضرراً جسيماً وطويل الأمد بصورة أمريكا، خاصة في العالم العربي. قارن ذلك بالحرب الطويلة في فيتنام، التي أدت أيضاً إلى تآكل "القوة الناعمة" الأمريكية.
قضى جوزيف ناي جزءاً كبيراً من حياته المهنية الطويلة في جامعة هارفارد، حيث درّس العلاقات الدولية والأمن منذ عام 1964. كان من أوائل من بحثوا في دور القوة النووية وأمن الطاقة. خلال فترة عمله، علّم أجيالاً كاملة من الطلاب من جميع أنحاء العالم.
شغل ناي أيضاً مناصب حكومية مختلفة، بما في ذلك مساعد وزير الدفاع ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني في عهد الرئيس بيل كلينتون.
حتى بصفته أستاذاً فخرياً، واصل ناي العمل والتواصل بنشاط مع الطلاب والباحثين والقادة العالميين. كان مكتبه في كلية كينيدي بجامعة هارفارد مفتوحاً دائماً للجميع.
في سنواته الأخيرة، أولى ناي اهتماماً كبيراً لصعود قوة الصين. لاحظ باهتمام كيف تبنى النظام الصيني رسمياً مفهوم "القوة الناعمة" بعد خطاب الرئيس السابق هو جينتاو عام 2007. ومع ذلك، غالباً ما أشار ناي لمحادثيه الصينيين إلى أن القمع الداخلي لا يتماشى جيداً مع محاولات بناء صورة جذابة في الخارج. كما انتقد استخدام الإكراه المالي في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، معتبراً أن ذلك يقوض "القوة الناعمة".
رغم التحديات العالمية المعقدة، ظل ناي متفائلاً حتى أيامه الأخيرة. كان يؤمن بقدرة المجتمع المدني الأمريكي – الشركات ووسائل الإعلام والجامعات والمواطنين – على مقاومة التحركات السياسية السلبية. طور مفهوم "القوة الذكية" (smart power)، الذي يجمع بين "القوة الناعمة" والقوة العسكرية والاقتصاد المسؤول. ترك جوزيف ناي إرثاً أكاديمياً غنياً أثر بعمق على فهم السياسة العالمية المعاصرة.