اعتراف فرنسا بدولة فلسطين: خطوة دبلوماسية قد ترسم ملامح جديدة للسلام في الشرق الأوسط

اعتراف فرنسا بدولة فلسطين: خطوة دبلوماسية قد ترسم ملامح جديدة للسلام في الشرق الأوسط

في كلمات قليلة

أعلنت فرنسا اعترافها بدولة فلسطين في خطوة تهدف إلى تقديم "مساهمة حاسمة" في عملية السلام بالشرق الأوسط. أثارت هذه المبادرة ردود فعل دولية متباينة، حيث لاقت ترحيباً من البعض وغضباً من إسرائيل، وذلك في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة. تسعى باريس من خلال هذه الخطوة إلى إعادة الدبلوماسية إلى مركز الجهود الدولية والتعاون مع القوى الإقليمية، وخاصة المملكة العربية السعودية، لوضع خريطة طريق نحو حل سياسي.


أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن اعتراف بلاده بدولة فلسطين، في خطوة وصفها بأنها تهدف إلى تقديم "مساهمة حاسمة في تحقيق السلام في الشرق الأوسط". وقد أثار هذا القرار ردود فعل متباينة على الساحة الدولية، فبينما أشادت بعض الدول بقرار الرئيس الفرنسي، أثار غضبًا شديدًا لدى إسرائيل.

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هذه الخطوة "تكافئ الإرهاب"، في إشارة إلى هجمات 7 أكتوبر 2023. لكن على أرض الواقع، ما الذي يمكن أن تغيره مبادرة باريس بشكل ملموس؟ من الصعب تحديد ذلك بدقة في ظل الاضطرابات الكاملة التي يشهدها الشرق الأوسط منذ بدء الحرب في غزة، حيث تواصل الحكومة الإسرائيلية عملياتها العسكرية بهدف معلن وهو القضاء على حركة حماس، مما أسفر عن عشرات آلاف الضحايا وقرابة خمسين رهينة لا يزالون محتجزين.

في غضون ذلك، وصل الوضع الإنساني في القطاع إلى مستويات كارثية. فوفقًا لمنظمات صحية دولية، يعاني ربع الأطفال الذين تم فحصهم في العيادات من سوء التغذية الحاد، وتصل المساعدات الغذائية بكميات شحيحة للغاية، وقد انتشرت صور الأطفال الهزلى ومشاهد الفوضى أثناء توزيع المساعدات حول العالم.

في هذا السياق، يبدو اعتراف فرنسا بدولة فلسطين في المقام الأول خطوة رمزية تهدف إلى "ممارسة الضغط" على بقية المجتمع الدولي لاتخاذ موقف مماثل. إنها "إشارة واضحة للولايات المتحدة وإسرائيل والمجتمع الدولي بأن ما يحدث في غزة غير مقبول، وأنه يجب أن يكون هناك مخرج دبلوماسي لهذه الأزمة"، بحسب محللين. تسعى فرنسا لإعادة الدبلوماسية إلى قلب النقاشات في الشرق الأوسط، وهو رهان ليس بالسهل في ظل تعثر المفاوضات.

ومع ذلك، فإن هذا الاعتراف، الذي وصفه مسؤولون أمريكيون بأنه "غير حكيم"، لا يحل قضية حدود الدولة الفلسطينية، حيث لا تخطط باريس لتحديد أي خطوط إقليمية دقيقة. ويعول ماكرون على السلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس، "لبناء" هذه الدولة. لكن عباس، الذي يبلغ من العمر 89 عامًا، يواجه ضعفًا سياسيًا كبيرًا ولا يُنظر إليه كحل دائم لضمان "استمرارية" الدولة الفلسطينية.

لهذا السبب، تعتمد باريس بشكل كبير على القوى الإقليمية الأخرى، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، للتأثير في المفاوضات نحو وقف إطلاق النار. ويُعتبر إعلان الاعتراف بمثابة بادرة تجاه الرياض، التي تجد نفسها بين موقفها الداعم للفلسطينيين وقربها الاقتصادي من الولايات المتحدة. تعمل باريس والرياض على إعداد "خريطة طريق" مشتركة تتضمن أفكارًا حول عزل حماس ونزع سلاحها، وإجراء انتخابات فلسطينية بحلول عام 2626، ووضع إطار قانوني جديد للأحزاب. ويراهن الطرفان على أن تقديم خطة جاهزة قد يدفع الولايات المتحدة إلى دعمها جزئيًا، خاصة وأن واشنطن لن ترغب في إثارة استياء حليفها السعودي الذي وقعت معه صفقة أسلحة ضخمة مؤخرًا.

نبذة عن المؤلف

كريستينا - صحفية تكتب عن التنوع الثقافي في فرنسا. تكشف مقالاتها عن الخصائص الفريدة للمجتمع الفرنسي وتقاليده.