غزو العقول: كيف تفرض روسيا واقعًا جديدًا في الأراضي الأوكرانية المحتلة؟

غزو العقول: كيف تفرض روسيا واقعًا جديدًا في الأراضي الأوكرانية المحتلة؟

في كلمات قليلة

يستعرض هذا التقرير الأوضاع في المناطق الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا منذ فبراير 2022. يسلط الضوء على استراتيجيات "غزو العقول" التي تنتهجها موسكو، من خلال الدعاية وتغيير المناهج التعليمية وفرض مؤسسات جديدة، بالإضافة إلى خلق مناخ من الخوف.


منذ بدء العمليات العسكرية في فبراير 2022، لم تقتصر السيطرة الروسية على الأراضي الأوكرانية على الجانب العسكري فحسب، بل امتدت لتشمل معركة أعمق وأكثر تعقيدًا: "غزو العقول". تكشف التقارير الواردة من المناطق المحتلة عن حملة ممنهجة تهدف إلى تغيير هوية السكان وإعادة تشكيل وعيهم بما يتماشى مع الرواية الروسية.

في قلب هذه الاستراتيجية، يأتي نظام التعليم. حيث تم استبدال المناهج الأوكرانية بأخرى روسية، مع التركيز على تدريس نسخة بديلة من التاريخ تبرر الغزو وتصور روسيا كـ "محرر". ويواجه المعلمون الذين يرفضون التعاون ضغوطًا شديدة، بينما يتم تشجيع الأطفال على الانضمام إلى منظمات شبابية موالية لموسكو.

إلى جانب التعليم، تعمل روسيا على تفكيك المؤسسات الأوكرانية القائمة واستبدالها بإدارات موالية لها. يتم التحكم في وسائل الإعلام بشكل كامل، حيث تبث القنوات التلفزيونية والإذاعية دعاية متواصلة تمجد الجيش الروسي وتصور الحكومة الأوكرانية على أنها نظام "نازي".

ويعيش السكان الذين بقوا في هذه المناطق في مناخ من الخوف والترهيب. تشير شهادات عديدة إلى ممارسات قمعية، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب ضد أي شخص يشتبه في ولائه لأوكرانيا. الهدف من هذه الممارسات ليس فقط معاقبة المعارضين، بل بث الرعب في قلوب الجميع لضمان عدم وجود أي مقاومة.

هذه السيطرة الشاملة، التي تتجاوز الجغرافيا لتصل إلى الفكر والهوية، تكشف أن المعركة في أوكرانيا لا تدور على الجبهات العسكرية فقط، بل هي صراع وجودي حول مستقبل وهوية الملايين من الناس.

نبذة عن المؤلف

سيرجي - محلل اقتصادي، يحلل الأسواق المالية في فرنسا والاتجاهات الاقتصادية العالمية. تساعد مقالاته القراء على فهم العمليات الاقتصادية المعقدة.