
في كلمات قليلة
تحولت مدينة كيركينيس النرويجية الواقعة على الحدود مع روسيا إلى مركز رئيسي للحرب الهجينة والتجسس. تستخدم موسكو المنطقة كـ\"مختبر\" لعمليات استخباراتية وتخريبية، بما في ذلك الهجمات السيبرانية واستخدام مدنيين لجمع المعلومات، مما يثير قلقاً بالغاً بشأن أمن البنية التحتية الحيوية في أوروبا.
النرويج في حالة تأهب قصوى. أعلن رئيس الوزراء النرويجي، يوناس غار ستوره، في 6 مارس أن بلاده تواجه \"أخطر وضع أمني منذ الحرب العالمية الثانية\"، معلناً عن زيادة المساعدات لأوكرانيا إلى 7.2 مليار يورو في عام 2025. في المقابل، تسعى روسيا المجاورة إلى تعزيز وجودها العسكري في القطب الشمالي عبر تحديث وبناء قواعد جديدة.
يتجسد هذا التوتر بشكل خاص في مدينة كيركينيس الساحلية الصغيرة، الواقعة على بعد كيلومترات قليلة من الحدود الروسية والفنلندية. يُعتبر معبر ستورسكوج الحدودي القريب نقطة الدخول البرية الوحيدة للروس إلى النرويج ومنطقة شنغن، وقد تحول إلى ساحة اختبار للحرب الهجينة التي تشنها موسكو.
منذ ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، استخدمت روسيا هذه المنطقة كـ\"مختبر\" لعمليات التجسس والتخريب قبل تطبيقها في أماكن أخرى في أوروبا. ففي عام 2015، سهلت روسيا تدفق مئات اللاجئين والمهاجرين إلى معبر ستورسكوج، في عملية ضغط تم تكرارها لاحقاً على نطاق أوسع.
أصبحت كيركينيس، التي كانت مدينة صناعية، مركزاً للأنشطة المشبوهة. يشعر السكان المحليون بأنهم تحت المراقبة المستمرة، بينما تجوب دوريات جهاز المخابرات النرويجي (PST) الشوارع بانتظام.
لاحظ السكان أن الصيادين الروس أصبحوا أصغر سناً من المعتاد، وأحياناً يقومون بتدريبات بدنية على متن سفنهم، مما يثير الشكوك حول طبيعة مهامهم الحقيقية. وقد تم تعقب وتصوير فريق صحفي من قبل سيارة مجهولة الهوية، مما يعزز الشعور بأن \"الروس يراقبوننا\".
تعتبر السلطات النرويجية أن كل سفينة مدنية روسية ترسو في الميناء تشكل خطراً أمنياً. وتعمل الدوريات النرويجية على مراقبة نظرائهم الروس عن كثب لمنعهم من تصوير البنية التحتية العسكرية. على الجانب الآخر، تقوم موسكو أيضاً بعمليات استطلاع منتظمة لدفاعات الحدود النرويجية.
حرب سيبرانية وتجنيد \"سياح\"
تعرض شمال النرويج في السنوات الأخيرة لهجمات سيبرانية مستمرة ومنخفضة الشدة استهدفت البلديات والموانئ. كما تم القبض على \"سياح\" وهم يصورون بنى تحتية حساسة. تستخدم روسيا تكتيكاً قديماً يُعرف بـ\"marshrutniki\"، حيث يتم تجنيد مدنيين، غالباً من مزدوجي الجنسية، لتنفيذ مهام استخباراتية محددة دون أن يدركوا بالضرورة أهميتها الكاملة.
حذر جهاز المخابرات النرويجي من أن هذه الأنشطة قد تستهدف خطوط السكك الحديدية ومنشآت الغاز الحيوية التي تزود أوروبا بالطاقة. وقال يوهان روالدسنيس، الرئيس الإقليمي لجهاز المخابرات في كيركينيس: \"ما نراه هو عملية رسم خرائط مستمرة للبنية التحتية الحيوية لدينا. أرى هذا كتحضير مستمر للحرب\".
تقع كيركينيس في منطقة استراتيجية للغاية، قبالة شبه جزيرة كولا الروسية، التي تضم قواعد الغواصات النووية ومخازن الأسلحة النووية التابعة للأسطول الشمالي الروسي. الخطة الروسية، في حال تصاعد التوتر مع الناتو، هي إنشاء منطقة عازلة لحماية قدراتها على توجيه ضربة نووية، وهو ما يتطلب السيطرة على المياه والأراضي المجاورة.
تغير شعار المنطقة من \"شمال كبير، توترات منخفضة\" إلى حالة من القلق الدائم، حيث أدرك الكثيرون أن التعاون الإقليمي الذي استمر لعقود أصبح مهدداً، وأن المعركة على كسب الرأي العام في هذه المدينة الصغيرة هي جزء من صراع أكبر بكثير.