
في كلمات قليلة
هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على حلفاء روسيا إذا لم تنهِ الحرب في أوكرانيا خلال 50 يومًا. تستهدف العقوبات بشكل أساسي الصين والهند وتركيا وكازاخستان، مما يثير مخاوف من حرب تجارية عالمية.
مرة أخرى، لم يخفِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استياءه، حيث صرح يوم الاثنين في البيت الأبيض: "أنا محبط من فلاديمير بوتين"، منتقداً الرئيس الروسي لإطالة أمد الحرب في أوكرانيا التي بدأت في فبراير 2022. وأضاف ترامب، إلى جانب الأمين العام لحلف الناتو مارك روته: "كنت أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق قبل شهرين، لكن لا يبدو أن ذلك يتحقق".
ثم وجه الرئيس الأمريكي إنذاراً نهائياً لروسيا مدته 50 يوماً لإنهاء النزاع، مهدداً بفرض عقوبات قاسية في حال عدم الامتثال. ويقصد ترامب بـ "العقوبات القاسية" فرض "رسوم جمركية بنسبة 100%" ضد حلفاء موسكو، وهو إجراء يستهدف في المقام الأول الدول التي تشتري النفط الروسي بكميات كبيرة. وقد ذكر السفير الأمريكي لدى الناتو، مات ويتاكر، بشكل صريح الهند والصين. لكن دولاً رئيسية أخرى، مثل تركيا وكازاخستان، قد تكون مستهدفة أيضاً.
بكين، الحليف الذي لا غنى عنه لموسكو
تُعد الصين الشريك التجاري الأول لروسيا بفارق كبير. في عام 2023، تم توجيه 32.7% من الصادرات الروسية إلى السوق الصينية، بينما جاء أكثر من نصف الواردات الروسية (53%) من الصين. ويصل حجم التبادل التجاري بين البلدين الآن إلى ما يقرب من 250 مليار دولار سنوياً، ويشمل ذلك واردات صينية ضخمة من النفط. ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، تشتري الصين أكثر من مليون برميل من النفط يومياً من روسيا، وهو تدفق ظل ثابتاً دون زيادة كبيرة.
أمام تهديد دونالد ترامب، كان رد فعل بكين قوياً. وقال لين جيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: "الإكراه أو الضغوط لا يمكن أن تحل المشاكل"، مجدداً التأكيد على موقف بلاده الداعم "لحل سياسي للأزمة الأوكرانية". كما صرح شي جين بينغ يوم الثلاثاء، بأن على البلدين "تنفيذ التوافق المهم" الذي تم التوصل إليه مع الرئيس الروسي و"تعزيز الدعم المتبادل في المحافل متعددة الأطراف".
ويرى العديد من الخبراء أن التطبيق الفعلي لمثل هذه العقوبات غير مرجح. فمواجهة ثاني أكبر اقتصاد في العالم في هذا المجال قد يعرض دونالد ترامب لخطر تصعيد تجاري كبير مع بكين، وهي مخاطرة كبيرة، خاصة وأن الرئيس الأمريكي كرر مراراً أن أوكرانيا لا تمثل أهمية استراتيجية كبرى للولايات المتحدة.
الهند، مشترٍ استراتيجي للنفط
أصبحت الهند أيضاً، منذ غزو أوكرانيا، عميلاً أساسياً للنفط الروسي. في عام 2025، أصبح أكثر من ثلث واردات النفط الهندية يأتي من روسيا، مقارنة بأقل من 1% قبل الحرب. ووفقاً لبيانات كيبلر، استوردت الهند 2.1 مليون برميل يومياً في يونيو، وهو مستوى قريب من الرقم القياسي التاريخي المسجل في مايو 2023. وإجمالاً، تم توجيه 16.8% من الصادرات الروسية إلى الهند في عام 2023.
ومع ذلك، في حال فرض عقوبات فعلية، لدى نيودلهي بدائل. وأوضح موكيش ساهديف، المحلل في "ريستاد إنرجي": "إذا أصبح الوضع حرجاً بالفعل ولم تتمكن الهند من شراء النفط الروسي، فلديها خيار اللجوء إلى أعضاء آخرين في أوبك". لكن هذا البديل له تكلفته: في مايو، كانت الواردات من السعودية أغلى بـ 5 دولارات للبرميل من الواردات الروسية، وكانت الشحنات العراقية أغلى بنحو 50 سنتاً.
تركيا، شريك اقتصادي متنامٍ
تعتبر تركيا شريكاً اقتصادياً استراتيجياً متزايد الأهمية لموسكو. في عام 2023، شكلت تركيا 7.86% من الصادرات الروسية و5.21% من وارداتها، مما يجعل أنقرة ثاني أكبر وجهة للسلع الروسية من حيث القيمة، بعد الصين. ويهدف البلدان الآن إلى تحقيق هدف طموح يتمثل في الوصول إلى 100 مليار دولار من التبادلات التجارية في السنوات القادمة.
وخلال الدورة التاسعة عشرة للجنة الاقتصادية الحكومية المشتركة بين تركيا وروسيا، التي عقدت في موسكو في 27 يونيو، تم توقيع اتفاقيات جديدة لتعزيز التعاون الثنائي تشمل قطاعات متنوعة مثل الطاقة والزراعة والبيئة والأشغال العامة والنقل وحتى مكافحة تغير المناخ. وأكد نائب وزير البيئة التركي، عمر بولوت، على أهمية هذا التعاون، مشيراً إلى أنه يساهم في الاستقرار الإقليمي بفضل الحوار القائم على "الثقة والاحترام المتبادل". كما تلعب تركيا دوراً رئيسياً كمركز لوجستي لعبور الطاقة الروسية، مما يضعها في مرمى واشنطن المحتمل.
كازاخستان، الجار الذي لا ينفصل
تُعد كازاخستان حليفاً وثيقاً. ففي عام 2023، استحوذت على 4.09% من الصادرات و4.71% من الواردات الروسية. وقد تكثف التعاون الثنائي بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث عملت 23,000 شركة روسية في كازاخستان في عام 2023، منها 4,000 تم تأسيسها في ذلك العام وحده. ويصف الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف هذه العلاقة بأنها "صداقة قوية ومستدامة"، مشيراً إلى "الروابط التاريخية والثقافية العميقة".
ومع ذلك، تسعى أستانا أيضاً إلى تنويع شراكاتها وتقليل اعتمادها على الطاقة من موسكو من خلال استكشاف ممرات تجارية جديدة عبر تركيا والصين، وهو خيار قد يخفف من تأثير العقوبات الأمريكية المستقبلية.