في كلمات قليلة
مراجعة لثلاثة روايات فرنسية جديدة تتناول التاريخ العائلي المعقد، والانهيار النفسي بعد الانفصال، وقصة مجموعة فوضوية في إيطاليا خلال سبعينيات القرن الماضي.
يواصل النقد الأدبي استكشاف أبرز الإصدارات ضمن الموسم الأدبي الفرنسي الجديد. يقدم هذا الاستعراض ثلاث روايات بارزة تتيح للقارئ رؤية القرن العشرين يتكشف من داخل منزل عائلي، والتأمل في آثار الانفصال العاطفي المعاصر على نفسية امرأة، والمشاركة في كتابة أطروحة عن لواء فوضوي في إيطاليا خلال "سنوات الرصاص".
«البيت الفارغ» (La Maison vide) للوران موفينييه
«البيت الفارغ» هو عنوان الرواية الجديدة للوران موفينييه. إذا كان البيت فارغاً بالمعنى الحرفي كمنزل عائلي يجب إزالة أثاثه بعد وفاة أحد الوالدين، فهو أيضاً مليء بالماضي الذي يقوم موفينييه بالتنقيب عنه، مستخدماً قوة السرد الروائي.
يقول الراوي في الصفحات الأولى: «أعتقد أن ما أكتبه هنا هو عالم أكتشفه جزئياً من خلال الحلم به، لكني لا أخترعه بالكامل: أنا أعيد بناءه قطعة قطعة، كآلة من زمن آخر نكتشف أن آليتها عملت يوماً ما، ويكفي إعادة تجميعها لتعمل من جديد».
الخيال هنا لا يُستدعى لملء الفراغات، بل لإعادة منح وجود ورقي، ولكنه مُجسَّد، لأشخاص من لحم ودم سقطوا في غياهب النسيان العائلي، وغبار الصور التي لم تعد تُعرف فيها الوجوه. يتناول موفينييه مواضيع شائكة مثل:
- عار التعاون الأفقي خلال الحرب.
- المسكوت عنه في حوادث الانتحار.
- خنادق الحرب العالمية الأولى.
ويوضح المؤلف-الراوي: «لأنني لا أعرف شيئاً تقريباً عن تاريخ عائلتي، أحتاج إلى كتابة تاريخ مفصّل، بناءً على حقائق مؤكدة وأشخاص كانوا موجودين بالفعل، لكن قصصهم مجزأة ومستحيلة الاستعادة لدرجة أنه يجب خلق عالم لهم، حتى لو كان خيالياً، ليكون لكل منهم وجود».
«الارتعاش» (Tressaillir) لماريا بورشي
تحكي رواية ماريا بورشي الجديدة، الصادرة عن دار "ستوك"، قصة «امرأة مكسورة». يُفهم هذا الوصف بالمعنى المزدوج: فقد انفصلت عن شريكها وعائلتها، وهي منهكة جسدياً ونفسياً من تداعيات هذا الانفصال.
تجد الراوية، وهي رسامة كتب مصورة تدعى ميشيل، نفسها مطرودة من منزل الزوجية، تتنقل بين غرف الفنادق والبحث عن شقق بائسة. تكتشف ويلات الحضانة المشتركة وتلجأ إلى مضادات الاكتئاب. وبإلحاح من وكيلتها، توافق على العودة إلى المكان الذي نشأت فيه لإجراء سلسلة من ورش العمل في مدرسة ثانوية، حيث ينتظرها حبيب قديم نسيته في زوايا ذاكرتها.
«انتهت الاستراحة» (La récréation est finie) لداريو فيراري
«انتهت الاستراحة» هو عنوان رواية الإيطالي داريو فيراري. وهي أيضاً العبارة التي يطلقها «باراباس»، العضو الجديد في «لواء رافاشول»، وهي مجموعة من الشباب الإيطاليين الفوضويين واليساريين المتطرفين خلال «سنوات الرصاص» الإيطالية (سبعينيات القرن الماضي).
تُستخدم العبارة لتبليغهم بضرورة «التوقف عن لعب دور الثوار والانتقال إلى الأمور الجدية»، والتي تتمثل في هذه الحالة في اختطاف قاضٍ تحت تهديد السلاح، مع خطر القتل أو التعرض للقتل، بعد أن كان اللواء يكتفي حتى الآن بأعمال استعراضية لا تعرضهم للخطر.
تُروى قصة هذه المجموعة من خلال تحقيق أكاديمي يجريه طالب دكتوراه، مارسيلو غوري، الذي حصل بمعجزة على منحة أطروحة. وقد وجهه أستاذه القوي والمخيف، ساكروسانتي، لدراسة إحدى شخصيات هذه المجموعة: تيتو سيلا، الكاتب والقاتل الذي قضى فترة في السجن.