
في كلمات قليلة
ظاهرة "كورتكور" تحول قاعات المحاكم الأمريكية إلى منصات عرض أزياء استراتيجية، حيث يرتدي المشاهير ملابس رسمية ومحتشمة للتأثير على الرأي العام وإظهار الاحترام للقضاء، خاصة في ظل التغطية الإعلامية المكثفة للمحاكمات.
في ظاهرة اجتماعية وقانونية لافتة، تحولت قاعات المحاكم الأمريكية، التي عادة ما تتسم بالصرامة والرسمية، إلى مسرح لعرض أزياء استراتيجي يُعرف باسم "كورتكور" (Courtcore). يشير هذا المصطلح إلى الاهتمام المفرط بالمظهر والملابس التي يرتديها المشاهير والشخصيات العامة أثناء مثولهم أمام القضاء، حيث تغزو البدلات الرسمية والأقمشة الفاخرة والألوان الرصينة أروقة العدالة.
لا يتشابه المشاهير المتورطون في قضايا قانونية، مثل مغني الراب A$AP Rocky، وP. Diddy، وآنا ديلفي، لكنهم يتفقون جميعاً على نقطة واحدة: لفت الانتباه إلى ملابسهم. ففي أحدث الأمثلة، ظهر A$AP Rocky ببدلات مصممة بعناية فائقة، متناسقة مع ملابس زوجته النجمة ريهانا، محولاً المحكمة إلى ما يشبه منصة عرض أزياء، ومحيياً موضة "ملابس المكتب" التي سادت في التسعينيات.
لماذا هذا الاهتمام بالمظهر؟
تنبع هذه النزعة الغريبة من خصوصية النظام القانوني الأمريكي الذي يسمح بتصوير وتسجيل المحاكمات، بل وبثها مباشرة في بعض الولايات. ترى الدكتورة مارغو غيليريت، المتخصصة في اللغويات الإنجليزية، أن "كورتكور" ظاهرة أمريكية بامتياز، تجسد "مجتمع الاستعراض" الذي يميل إلى تضخيم كل شيء إعلامياً، بما يتماشى مع ثقافة هوليوود وتلفزيون الواقع.
وتؤكد عالمة السياسة نيكول باشاران، المتخصصة في المجتمع الأمريكي، أن لحظات الدخول والخروج من قاعة المحكمة هي "لحظات حاسمة في العلاقات العامة". فالصحافة، بما في ذلك الصحافة الاقتصادية والسياسية والشعبية والأزياء، تدقق في كل تفصيل. وتصبح الملابس وسيلة لـ "نزع الدراما" عن القضايا القانونية الجارية، ومحاولة لاستعادة ثقة الجمهور، وربما التأثير على هيئة المحلفين بشكل غير مباشر.
صورة الاحترام والبراءة
يعتمد المتهمون، غالباً بمساعدة محامين ومستشارين متخصصين، أسلوباً كلاسيكياً ورصيناً، محاولين عكس صورة الاحترام والبراءة والنزاهة. إنهم يسعون للتكيف مع "صرامة القانون" وأجواء المحاكم. على سبيل المثال، النجمة آمبر هيرد، خلال محاكمتها الشهيرة ضد جوني ديب عام 2022، لم تظهر مطلقاً بملابس عادية أو فساتين سهرة، بل اعتمدت على البدل الرسمية والقمصان المحتشمة.
وتشير باشاران إلى أن هذا التوجه يلاحظ بشكل أكبر لدى النساء. فبينما يرتدي الرجال البدلة وربطة العنق كشكل تقليدي لإظهار الاحترام، تجد النساء أنفسهن مضطرات لتبني خزانة ملابس "ذكورية" ليتم أخذهن على محمل الجد وتجنب الانتقادات السلبية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد لوحظ هذا التحول في وقت سابق لدى نجمات مثل باريس هيلتون وإيمي واينهاوس، اللتين تخلتا عن أسلوبهما المثير للجدل لصالح الأناقة المتحفظة أثناء جلسات المحاكمة.
تأثير نفسي لا قانوني
على الرغم من الأهمية الإعلامية، يقر الخبراء بأن هذه الأناقة لا تؤثر قانونياً على سير القضايا. فـ "آنا ديلفي"، التي استأجرت منسقة أزياء، قضت عقوبة السجن. وهذا ما تعتبره الدكتورة غيليريت "مطمئناً"، إذ يبقى القضاء شأناً قانونياً لا يجب أن تتأثر فيه الأحكام بالموضة.
ومع ذلك، فإن "كورتكور" يؤثر بقوة على الرأي العام الذي يتابع ويحلل كل زي على وسائل التواصل الاجتماعي. عندما يرى الجمهور شخصية عامة تبذل جهداً في الظهور بمظهر بسيط وموثوق به، فإن ذلك يلعب على اللاوعي الجمعي، مما قد يخفف من حدة الانتقادات الموجهة إليهم.