
في كلمات قليلة
نظرة على الاتجاه الجديد في تصميم الأثاث الفاخر حيث تستوحي الأشكال من الحيوانات والصدفيات، مما يخلق قطعاً فنية فريدة ومريحة.
من صغار الفيلة والحملان والخراف إلى أم أربع وأربعين والبط والثعابين الضخمة والدببة القطبية والمحار... يبدو أن عالم التصميم يستمد أشكاله من مملكة حيوانية غير عادية. هل هذا مجرد خيال أم حقيقة راسخة في عالم الأثاث الفاخر؟
بدأ هذا الاتجاه يظهر بقوة، خاصة قبيل معرض ميلانو للأثاث الأخير. فجأة، امتلأت صالات العرض بقطع ليست مجرد أثاث، بل كائنات فنية وشعرية، وكأنها خرجت من فيلم خيالي، لتضفي على المساحات لمسة من الدفء والغرابة المحببة.
من الأمثلة اللافتة كرسي بذراعين يشبه فيلاً صغيراً لطيفاً. لا يتعلق الأمر بالحجم أو الخرطوم، بل بالشكل العام الذي يثير فوراً ارتباطاً بطفل الفيل، معاد تصميمه ليناسب أرقى صالات العرض دون إحداث أي فوضى.
ومن القطع الغريبة والودودة، نجد طاولة "16 Legged Table on Wheels" للمصممة ويندي أندرو. هذه الطاولة المنخفضة المصنوعة من الفولاذ والمزودة بـ 16 قدماً على عجلات، تبدو كـ "أم أربع وأربعين" لطيفة. إنها قطعة فريدة ومبهجة تنتمي إلى عالم الخيال العلمي الإيجابي.
في زيارة إلى صالة عرض لويس فويتون (Louis Vuitton)، ظهرت أعمال المصمم الأرجنتيني كريستيان موهاديد. كرسيه ثلاثي القوائم يثير رغبة جامحة في مداعبة مسنده الذي يذكرنا بحمل صغير متوازن تماماً. أما كرسيه الآخر، فيحمل شيئاً من خروف أنيق للغاية، يمد أذرعه نحو الناظر.
حتى الطيور وجدت طريقها إلى التصميم. كرسي الطعام "Libra Dining" للمصمم جامبييرو تاليافيري (Giampiero Tagliaferi) لشركة مينوتي (Minotti)، يذكر ببطة أنيقة ومصممة بأسلوب فني. يتميز مقعده ومسنده بالتناغم التام والبساطة الجذابة. ويقف الكرسي على سيقان معدنية أنبوبية، معلناً بفخر أنه لم يُصمم ليُترك وحيداً في زاوية.
في مجال الأرائك، لا يمكن تجاوز الإيحاءات الحيوانية. أريكة "Pack" لفرانشيسكو بينفاري (Francesco Binfaré) من إيدرا (Edra)، بمسندها الذي يشبه دب قطبي مستلقٍ على "جبل جليدي" من المقاعد، تُعد أيقونة في هذا المجال. ولا ننسى أريكة "Boa" للأخوين كامبانا (Campana brothers)، أيضاً من إيدرا، والتي تحاكي تماماً التواءات ثعبان البواء الضخم، لكنها هنا مريحة للغاية وغير مؤذية على الإطلاق.
الآن، تغزو صالات المعيشة "مملكة حيوانية" جديدة أكثر تجريداً. أريكة "Taru Canalounge" من لاين روزيت (Ligne Roset)، بقاعدتها المنجدة التي توحي بأنها قطعة واحدة، يمكن أن تكون حشرة "أبو مقص" عملاقة ووديعة جاهزة للامتطاء. أما خطوط أريكة "Love" للمصمم ساشا لاكيتش (Sacha Lakic) من روش بوبوا (Roche Bobois)، فتذكرنا بمحارة ضخمة ومضيافة.
بالنظر إلى أيقونات التصميم، نجد أن هذا الاتجاه ليس جديداً تماماً. كرسي الاستلقاء "D.150.5" الذي صممه جيو بونتي (Gio Ponti) في عام 1952، وأعادت إصداره شركة مولتيني&كو (Molteni&Co)، بمسنده الطويل المنتصب، يذكر بوضوح بالزرافة. ورغم استحالة سؤال بونتي عن مصدر إلهامه، فإن إرثه يبتسم لنا: أريكة "D.157.6 – Due Foglie"، التي أعيد إصدارها أيضاً، تظهر "ابتسامة" عريضة، يمكن تفسيرها على أنها غمزة تصميم سخية. فالتصميم، حتى في جديته، يبعث دائماً على الابتسامة.