الصحة النفسية: كسر حاجز الصمت وطلب المساعدة أخيراً

الصحة النفسية: كسر حاجز الصمت وطلب المساعدة أخيراً

في كلمات قليلة

يتزايد الوعي بأهمية الصحة النفسية والحاجة لكسر حاجز الصمت والوصمة المحيطة بها. تظهر مبادرات في دول مختلفة، مثل فرنسا، لتشجيع الأفراد على التحدث عن معاناتهم النفسية وطلب الدعم اللازم، مؤكدة أن المشكلات النفسية جزء من التجربة الإنسانية.


لطالما كان الحديث عن الصحة النفسية من المحرمات في العديد من المجتمعات، لكن اليوم، يتزايد عدد الأشخاص الذين يجدون الشجاعة للتحدث عن صراعاتهم النفسية وتجاربهم.

هناك وعي متزايد بأهمية هذا الموضوع على مستوى عالمي. ففي فرنسا، على سبيل المثال، أطلقت مبادرة وطنية لمكافحة وصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية. تضمنت هذه المبادرة فيلماً وثائقياً عُرض على إحدى القنوات التلفزيونية الشهيرة، شارك فيه شخصيات معروفة وعامة الناس، تحدثوا بصدق عن تجاربهم مع الاكتئاب والقلق وغيرهما من المشكلات النفسية.

أكدت الوزيرة الفرنسية المسؤولة عن الصحة على أهمية هذه الخطوات قائلة: "ما يهمنا هو إتاحة مساحة لموضوع بالغ الأهمية مثل الصحة النفسية. شكراً لكل من تحدثوا في هذا الفيلم، فهم يساعدوننا على كسر حاجز الصمت ورفع المحظورات. سواء كانوا معروفين أو مجهولين، فقد قبلوا التحدث بصدق وعاطفة وقوة مدهشة. شكراً لشهاداتهم التي تشجع كل من يعانون ولا يستطيعون التحدث بعد".

تشير الإحصاءات التي وردت في الفيلم إلى أن حوالي 13 مليون شخص في فرنسا (أي واحد من كل خمسة) يعانون من ضائقة نفسية حالياً. النسبة أعلى بكثير بين المراهقين، حيث واجه نحو 40% منهم اكتئاباً معتدلاً إلى حاد منذ الأزمة الصحية العالمية.

شارك في الفيلم عدد من الشخصيات العامة المعروفة، مثل الممثلين والممثلات، والرياضيين المشهورين. تحدثوا عن اضطراباتهم وأعراضها المختلفة، لكن أصواتهم اتفقت على ضرورة التحدث، ووضع الكلمات على الآلام، والشجاعة لطلب المساعدة والعلاج.

رغم أن فرنسا تُعد من أكثر الدول استهلاكاً للمهدئات ومضادات الاكتئاب، إلا أن الدعم العام والرعاية المتاحة للمرضى النفسيين لا تزال محدودة. وقد قررت الحكومة جعل الصحة النفسية "قضية وطنية كبرى لعام 2025" ووعدت باتخاذ إجراءات ملموسة. قد لا تكون هذه الإجراءات كافية لحجم المشكلة، لكنها على الأقل تمثل بداية لوعي جماعي ضروري.

كما أشارت الطبيبة النفسية السريرية، فإن تاريخ فهم الاضطرابات النفسية معقد، لكن المعاناة النفسية كانت دائماً جزءاً من التجربة الإنسانية. "الطريقة التي نتعامل بها معها تخبرنا الكثير عن المجتمعات التي نعيش فيها. إنها تذكرنا بأننا لسنا مجرد آلات، بل كائنات مكونة من جسد وكيمياء وعواطف وتاريخ شخصي وثقافي"، كما أوضحت.

إن الفكرة القديمة بأن صحة الإنسان تتطلب توازناً بين الجسد والعقل، التي قال بها أبوقراط قبل قرون، لا تزال حقيقية. اليوم، ومع تزايد الاهتمام الإعلامي بالموضوع، أصبح من الواضح أن الوقت قد حان للتحدث بصراحة وطلب المساعدة.

Read in other languages

نبذة عن المؤلف

كريستينا - صحفية تكتب عن التنوع الثقافي في فرنسا. تكشف مقالاتها عن الخصائص الفريدة للمجتمع الفرنسي وتقاليده.