
في كلمات قليلة
توجد خلافات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء فرانسوا بايورو بشأن طبيعة وأهداف استفتاء شعبي محتمل. يُنظر إلى الاستفتاء كوسيلة لاستعادة المبادرة أو تجاوز البرلمان، لكنه يحمل مخاطر سياسية كبيرة.
تشهد الساحة السياسية الفرنسية تجاذبات جديدة، هذه المرة حول فكرة تنظيم استفتاء شعبي. فبينما تشير التكهنات إلى إمكانية إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن تنظيم مثل هذا الاستفتاء قريباً، يبدو أن هناك خلافات حوله مع رئيس الوزراء فرانسوا بايورو.
فكرة الاستفتاء ليست بجديدة، وقد دعا إليها رئيس الوزراء بايورو في وقت سابق. ومن جانبه، يعمل قصر الإليزيه أيضاً على دراسة إمكانية إجراء استشارة شعبية قد تتضمن عدة أسئلة تمس الحياة اليومية للمواطنين الفرنسيين. يُذكر أن الرئيس ماكرون كان أول من أثار احتمال تنظيم استفتاء في خطابه نهاية العام الماضي.
يلاحظ المراقبون أن أهداف الشخصيتين الرئيسيتين في السلطة التنفيذية تختلف بشكل واضح. يسعى إيمانويل ماكرون إلى استعادة زمام المبادرة وتقوية صلته بالفرنسيين من خلال طرح مواضيع قريبة من حياتهم اليومية وملموسة، مثل إمكانية حظر استخدام الشاشات لمن هم دون 15 عاماً. يبدو أن هدفه هو جعل هذه الاستشارات أمراً عادياً، دون أن تكون مرتبطة بالمصادقة على مشروع قانون، بل تكون ذات طبيعة استشارية أو رمزية.
أما فرانسوا بايورو، فيبدو أنه يحلم باستفتاء ذي طبيعة مختلفة، قد يكون بمثابة رهان كبير لتجاوز البرلمان وتجنب مخاطر الرقابة البرلمانية، وربما لتعزيز موقعه كرئيس للوزراء. هذا النهج يحمل مخاطر أكبر ولكنه قد يحقق مكاسب سياسية أعلى إذا نجح.
لكن تنظيم استفتاء شعبي يحمل دائماً مخاطر كبيرة للسلطة الحاكمة. الخيار الذي قد يفضله بايورو يبدو محفوفاً بالمخاطر بشكل كبير، خاصة في ظل عدم الشعبية التي تواجهها الحكومة التي تطالب المواطنين بـ"جهود" لتقليص العجز. النموذج الذي يدرسه الإليزيه أقل خطورة من حيث التنظيم ولكنه قد لا يحقق نفس القدر من الفائدة السياسية. كما يقول المثل، النصر بلا مخاطرة لا يجلب المجد.
استشارة الفرنسيين هدف نبيل من الناحية الديمقراطية، ولكنه قد يكون أيضاً اعترافاً بعجز السلطة التنفيذية عن التصرف بسبب غياب أغلبية برلمانية قوية. إضافة إلى ذلك، هو دائماً خطوة تتضمن مجازفة سياسية كبيرة. الدليل على ذلك هو مرور عقدين من الزمن على آخر استفتاء أجري في فرنسا (حول مشروع الدستور الأوروبي)، والذي أسفر عن فوز الرافضين وشكل هزيمة قاسية للرئيس آنذاك جاك شيراك.