
في كلمات قليلة
يحلل كتاب سيباستيان بروكا تحول شركات GAFAM من أصولها المثالية إلى قوتها الحالية في الرأسمالية الرقمية. يتناول الكتاب قضايا المراقبة، العلاقة مع السياسة، ومغالطة "لا مادية" الإنترنت.
يتناول كتاب جديد بعنوان «محاصرون في الشبكة» (Pris dans la toile) للمؤلف سيباستيان بروكا، والذي يحمل عنواناً فرعياً «من يوتوبيا الإنترنت إلى الرأسمالية الرقمية»، التطور المثير للاهتمام لأكبر الشركات التكنولوجية في العالم: جوجل، أمازون، ميتا (فيسبوك سابقاً)، أبل، ومايكروسوفت، المعروفة اختصاراً بـ GAFAM.
يتساءل بروكا، وهو أستاذ باحث متخصص في علوم المعلومات والاتصال، كيف تحولت هذه الشركات من جذورها في ثقافة "الكونتر-كالشر" (Counter-culture) في وادي السيليكون خلال التسعينيات، والتي كانت ترفع شعارات الحرية والانفتاح، لتصبح كيانات بمليارات الدولارات متهمة بالمراقبة الجماعية للمستخدمين وتظهر علاقات وثيقة بشخصيات سياسية مثل دونالد ترامب؟
يشير الكتاب إلى أن الصورة التقدمية التي طالما رسمت لـ GAFAM كانت مضللة إلى حد كبير. يحلل بروكا قدرة هذه الشركات الفائقة على استغلال الفرص والثغرات التي يفتحها آخرون.
من بين الشخصيات التي ساهمت بشكل غير مباشر في صعود هذه الشركات، يذكر الكتاب جون بيري بارلو، الذي شارك في كتابة أغاني فرقة Grateful Dead وكان مؤلفاً لـ "إعلان استقلال الفضاء السيبراني" في عام 1996 ومؤسس منظمة غير حكومية تدافع عن حرية التعبير المطلقة على الإنترنت. كان بارلو يعتبر الدولة هي العدو الرئيسي، وليس الشركات، وسعى جاهداً لمنع تدخلها في الإنترنت.
نجح بارلو في الحصول على إطار قانوني في التسعينيات لا يزال قائماً حتى اليوم، يسمح لشركات التكنولوجيا "بإدارة شؤونها بنفسها". لكن هذا الإطار هو نفسه الذي سمح لـ GAFAM ببناء قوتها وسلطتها الخاصة، بينما كانت لا تزال تدعي الالتزام بيوتوبيا بدايات الإنترنت.
يستعرض الكتاب أيضاً يوتوبيا أخرى ورثتها هذه الشركات من ثقافة "الكونتر-كالشر" الأمريكية، وهي الاعتقاد بأن التكنولوجيا وسيلة لحماية النظم البيئية، وأن الإنترنت سيكون مصدراً لا ينضب و"غير مادي". تبنت هذه الشركات هذا الخطاب لتوحي بأن نشاطها يمثل قطيعة مع العصر الصناعي "المادي". لكن الحقيقة هي أن احتياجاتهم للطاقة هائلة، سواء في تصنيع أجهزتهم أو في تشغيل مراكز بياناتهم العملاقة.
هذا "التمويه" ربما يفسر سوء الفهم الذي ساد طويلاً حول نوايا هذه الشركات العملاقة. فبعد أن كانت تُعرف بأنها داعمة للتقدم، يبدو اليوم أنها، حسب بروكا، أكثر اهتماماً بالسلطة والقوة من التقدم نفسه.