
في كلمات قليلة
رغم انخفاض التضخم وتحسن القوة الشرائية اسمياً، يتراجع الإنفاق الاستهلاكي في فرنسا. يعود السبب إلى الشعور بارتفاع الأسعار ونقص ثقة المستهلكين، وهي ظاهرة قد تستمر لفترة.
تشهد فرنسا ظاهرة اقتصادية لافتة للنظر: ففي حين تباطأ معدل التضخم بشكل ملحوظ وبدأت القوة الشرائية الحقيقية للأسر في التحسن قليلاً، فإن الإنفاق الاستهلاكي لا يواكب هذا التحسن، بل إنه يشهد ركوداً أو تراجعاً. يحذر الاقتصاديون من أن هذه الظاهرة قد تستمر لفترة طويلة.
تشير البيانات المتاحة إلى أن مشتريات السلع في فرنسا قد انخفضت بنسبة 4% مقارنة بنهاية عام 2019. هذا التراجع شمل جميع القطاعات تقريباً، مثل المنسوجات (-8%)، المواد الغذائية (-5%)، والسيارات (-5%). وكان شهر مارس الماضي شاهداً على انخفاض قياسي في استهلاك الأسر بنسبة 1% خلال شهر واحد (باستثناء فترات الإغلاق المرتبطة بالجائحة).
يفسر الخبراء هذا التناقض بأن المستهلكين ما زالوا يشعرون بضغط الأسعار، حتى مع تباطؤ التضخم الرسمي. الانخفاض الحالي في معدل زيادة الأسعار لم يعوض بشكل كامل التآكل الكبير في القوة الشرائية الذي حدث منذ عام 2021. لا يزال هناك تصور سائد بأن الأسعار مرتفعة للغاية.
يعكس هذا التشاؤم أيضاً أحدث أرقام ثقة المستهلكين. فقد تراجع مؤشر ثقة الأسر الفرنسية في مايو بثلاث نقاط مقارنة بأبريل ليستقر عند 88 نقطة، وهو مستوى أقل بكثير من متوسطه التاريخي البالغ 100 نقطة. يشعر الفرنسيون بثقة أقل تجاه وضعهم المالي الحالي ومستوى معيشتهم المستقبلي.
لقد اضطرت العديد من الأسر إلى تغيير عاداتها الاستهلاكية بعد أزمة الجائحة وارتفاع أسعار الطاقة. أصبح التحول إلى المنتجات ذات العلامات التجارية الأقل تكلفة، وتجنب الشراء غير الضروري، والتخطيط الدقيق للميزانية سلوكاً شائعاً. يرى الاقتصاديون أن هذا السلوك الحذر من جانب المستهلكين قد يصبح اتجاهاً مستمراً، مما يؤثر على آفاق الانتعاش الاقتصادي في البلاد.