
في كلمات قليلة
أظهر تحقيق حديث أن مياه الشرب في أوروبا، بما في ذلك مياه الصنبور والمياه المعبأة، تحتوي على ملوثات غير مرئية مثل PFAS، وبقايا المبيدات، والبلاستيك الدقيق. هذا يثير قلقًا بشأن تأثيرها المحتمل على صحة الإنسان.
يثير تحقيق جديد قلقًا متزايدًا بشأن جودة مياه الشرب التي تصل إلى منازلنا، سواء كانت تأتي مباشرة من الصنبور أو معبأة في زجاجات. تُظهر التحليلات المعمقة أن حتى أحدث طرق معالجة المياه قد لا تكون كافية للتخلص من جميع أنواع الملوثات، مما يدعو الخبراء إلى دق ناقوس الخطر.
من بين أبرز الملوثات التي تم تسليط الضوء عليها ما يُعرف بـ"الملوثات الأبدية"، وهي مجموعة من المواد الكيميائية الاصطناعية المعروفة باسم PFAS (مواد البيرفلورو ألكيل والبوليفلورو ألكيل). تُستخدم هذه المواد في صناعة العديد من المنتجات الاستهلاكية نظرًا لمقاومتها للحرارة والماء والدهون، ولكنها عمليًا لا تتحلل في البيئة. يؤكد خبراء السموم أن مواد PFAS واسعة الانتشار وتُكتشف ليس فقط في مياه الشرب، بل أيضًا في بعض الأطعمة مثل الأسماك والبيض والفواكه. ووفقًا للمتخصصين، توجد آثار من هذه المواد في أجسام معظم البشر.
رغم أن التأثير الكامل لمواد PFAS على صحة الإنسان لا يزال قيد الدراسة، تشير بعض الأبحاث إلى مخاطر محتملة، بما في ذلك اضطرابات في عملية الأيض (التمثيل الغذائي)، وآثار قد تكون مسرطنة، بالإضافة إلى تأثيرات على الجهاز التناسلي والجهاز المناعي. في استجابة لهذه المخاوف، سيصبح من الضروري بدءًا من عام 2026 إجراء مراقبة منهجية لأنواع معينة من مواد PFAS في مياه الصنبور في جميع أنحاء أوروبا.
مصدر آخر رئيسي للتلوث هو بقايا المبيدات الحشرية التي تتسرب إلى التربة من الأنشطة الزراعية وتلوث تدريجيًا المياه الجوفية التي تُعد مصدرًا لمياه الشرب. يُذكر أنه في دولة أوروبية واحدة فقط، تم إغلاق الآلاف من مواقع سحب المياه على مدار العقود الأخيرة بسبب التلوث. يشدد الخبراء على أن المراقبة الحالية للملوثات الدقيقة في مياه الشرب غير كافية، نظرًا لأن العديد من نواتج تحلل المبيدات، التي يمكن أن تصل إلى الماء، نادرًا ما يتم فحصها.
تتفاقم المشكلة بسبب البنية التحتية المتقادمة. عشرات الآلاف من الكيلومترات من أنابيب المياه المصنوعة من مادة PVC، التي تم تركيبها قبل ثمانينيات القرن الماضي، وخاصة في المناطق الريفية، يمكن أن تطلق غاز كلوريد الفينيل الأحادي (CVM)، وهو غاز معروف بأنه مسبب للسرطان ويلوث مياه الصنبور. تشير التقارير إلى أن مستويات غاز CVM قد تتجاوز المعايير المسموح بها في مياه الصنبور التي يستخدمها مئات الآلاف من الأشخاص في بعض المناطق الأوروبية. إن استبدال هذه الأنابيب يتطلب مليارات اليوروهات. هناك أيضًا قضايا قانونية رفعتها عائلات ضد شركات إمداد المياه بسبب تزويدهم بمياه ملوثة بغاز CVM لسنوات.
لتحسين جودة مياه الصنبور، تُباع العديد من أجهزة الفلترة المنزلية في الأسواق. ومع ذلك، فإن فعاليتها في إزالة مجموعة واسعة من الملوثات لا تزال موضع شك. يشير المتخصصون إلى أن تقنيات مثل الكربون النشط والخرز السيراميكي قد تكون "قليلة الفعالية"، بينما تتطلب أباريق الفلترة صيانة دقيقة لتجنب نمو البكتيريا. لا يضمن أي من هذه الأجهزة تنقية المياه بنسبة 100%.
من ناحية أخرى، المياه المعبأة في الزجاجات، التي يفضلها الكثيرون لاعتقادهم أنها أكثر أمانًا، ليست خالية من المشاكل. على الرغم من شعبيتها الكبيرة، فإن نسبة كبيرة من العلامات التجارية للمياه المعبأة قد تحتوي على جزيئات دقيقة وناهية من البلاستيك تأتي من العبوة نفسها. ومن المفارقات، أن دراسات حديثة تشير إلى أن تلوث المياه بالبلاستيك الدقيق قد يكون أعلى في الزجاجات المصنوعة من الزجاج مقارنة بالبلاستيكية. ومع ذلك، يؤكد الباحثون أن كمية البلاستيك الدقيق الموجودة في المياه المعدنية والطبيعية كانت منخفضة نسبيًا بشكل عام، بغض النظر عن نوع العبوة. لا تزال القدرة على تحديد ما إذا كانت الكميات الموجودة تشكل خطرًا صحيًا أمرًا صعبًا. لكن الحقيقة المؤكدة هي أن البلاستيك الدقيق يُكتشف في أجسام معظم البشر.
تُظهر هذه النتائج أن قضية تلوث مياه الشرب متعددة الأوجه وتتطلب حلولًا شاملة، بما في ذلك تشديد الرقابة، وتحديث البنية التحتية، ومواصلة الأبحاث حول تأثير الملوثات على الصحة. إن إدراك أن جودة المياه عامل أساسي للصحة والرفاهية العامة أمر بالغ الأهمية.