أعلنت دار الأزياء الفرنسية العريقة "ديور" (Dior) رسمياً عن مغادرة ماريا غراتسيا كيوري منصب المدير الإبداعي لمجموعات الأزياء النسائية، وذلك بعد تسع سنوات من العمل الذي ترك بصمة قوية ومؤثرة في تاريخ الدار. وقد كان عرضها الأخير، مجموعة "كروز 2026"، الذي أقيم في روما يوم 27 مايو 2025، بمثابة وداع مهيب للمصممة الإيطالية التي أعادت تعريف الأنوثة في عالم الموضة.

تُعد كيوري شخصية تاريخية في "ديور"، حيث كانت المرأة الوحيدة التي تولت هذا المنصب الرفيع بعد المؤسس كريستيان ديور. وقد خلفت أسماء عملاقة مثل جون غاليانو وراف سيمونز، لكنها تمكنت من فرض رؤيتها الخاصة التي تمزج بين الأناقة الباريسية والروح النسوية المعاصرة. ومن المقرر أن يخلفها المصمم الأيرلندي الشمالي جوناثان أندرسون، المدير الإبداعي الحالي لدار لويفي (Loewe).

تميزت فترة ماريا غراتسيا كيوري في "ديور" بتبنيها الصريح لقضايا المرأة. ففي أول عرض لها للأزياء الجاهزة لموسم ربيع وصيف 2017، قدمت القميص الشهير الذي يحمل عبارة "We should all be feminists" (يجب علينا جميعاً أن نكون نسويين)، مقتبسة من الكاتبة النيجيرية تشيماماندا نغوزي أديتشي. وقد تحول هذا القميص إلى أيقونة ثقافية ومحور نقاش على منصات التواصل الاجتماعي.

لم تقتصر رؤيتها على الشعارات، بل ترجمتها إلى تصميمات عملية وأنيقة في آن واحد. ركزت كيوري على تقديم ملابس تخدم جسد المرأة وتوفر لها الراحة، بعيداً عن التصورات الخيالية. ومن أبرز إبداعاتها التي لاقت رواجاً عالمياً: تنانير التول التي تُرتدى فوق السراويل القصيرة، والقمصان البيضاء غير المتماثلة، بالإضافة إلى الإكسسوارات الأكثر مبيعاً مثل أحذية "J’adior Slingback" وحقيبة الـ "Book Tote" المطرزة التي أصبحت من أساسيات الموضة.

كما عززت كيوري مفهوم "الأخوة النسائية" (Sorority) من خلال التعاون المنهجي مع فنانات ومصممات وكاتبات لتصميم ديكورات العروض، مثل المنحوتة العملاقة للناشطة جودي شيكاغو ولوحات النيون لمجموعة "كلير فونتين" التي تحمل رسائل اجتماعية قوية. كما اشتهرت بعروضها الكروز العالمية التي كانت بمثابة تحية للحرف اليدوية المحلية، من المغرب حيث احتفت بنسيج "الواكس" الإفريقي، إلى المكسيك حيث استلهمت من الفنانة فريدا كاهلو، وصولاً إلى الهند حيث أبرزت فن التطريز النسائي التقليدي.

بعد تسع سنوات من الإبداع القوي والشاعرية، تترك ماريا غراتسيا كيوري "ديور" وهي تحمل إرثاً من التمكين والجمالية العملية. وتنتظر الأوساط الفنية والموضة بشغف لمعرفة الدار الكبرى التالية التي ستستضيف موهبتها الفذة.