
في كلمات قليلة
تتناول المقالة نموذج عمل Shein القائم على الأسعار المنخفضة والإنتاج الضخم، وتسلط الضوء على الانتقادات الموجهة للشركة بشأن التأثير البيئي السلبي وظروف العمل في مصانعها، بالإضافة إلى جهود الشركة في مجال الضغط السياسي لمواجهة التشريعات الجديدة.
كيف يتمكن متجر الأزياء العالمي شين (Shein) من تقديم أسعار منخفضة للغاية؟ وما هو الثمن الذي يدفعه الكوكب والعمال مقابل هذه الأسعار؟ وكيف تحاول الشركة التأثير على القوانين في الدول التي تعمل بها؟
بلوزة أنيقة بسعر 7.99 يورو، أقراط بتصميم عتيق بـ 2.25 يورو، قميص صيفي قصير بـ 3 يورو... هذه مجرد أمثلة بسيطة للأسعار على موقع Shein، أكبر متجر أزياء عبر الإنترنت في العالم. يضيف الموقع مئات الآلاف من المنتجات الجديدة يومياً. شين، التي بدأت في الصين عام 2008، نقلت مقرها إلى سنغافورة ولديها الآن 90 مليون عميل في الولايات المتحدة وحدها، وتخطط لطرح أسهمها في بورصة لندن.
تحظى Shein بشعبية كبيرة في العديد من الدول حول العالم، وخاصة بين الشباب، بفضل أسعارها التنافسية وتنوع منتجاتها الهائل. هذه الأسعار المنخفضة للغاية تشجع على الاستهلاك بكميات كبيرة.
تعتمد قوة Shein على تجديد مجموعاتها باستمرار، حيث تعرض مئات أو حتى آلاف المنتجات الجديدة كل يوم. هذا النموذج يختلف عن الموضة التقليدية والسريعة سابقاً التي كانت تقدم مجموعات قليلة في السنة. هذا العرض الدائم يدفع المستهلكين للشراء بشكل متكرر، وتساهم العروض والتخفيضات المستمرة في زيادة هذه الرغبة.
الأسعار المنخفضة وسرعة التوصيل تجعل الناس يشترون كميات كبيرة، وقد لا يقومون بإرجاع الملابس حتى لو كانت غير مناسبة. تشير تقارير إلى وجود منتجات Shein جديدة تماماً لم تُلبس قط معروضة للبيع على مواقع الملابس المستعملة. في عام 2024، استورد الاتحاد الأوروبي 4.6 مليار طرد صغير، 91% منها جاءت من الصين بمتوسط قيمة 22 يورو للطرد.
لكن أسعار Shein المنخفضة لها تكلفة بيئية باهظة. يُقدر أن الشركة تصدر ما يقرب من 20 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون يومياً. ملابسها مصنوعة بشكل أساسي من البوليستر، وهو مادة بترولية. أقل من 5% من ملابس Shein قابلة لإعادة التدوير حالياً، رغم أن الشركة تزعم أنها تستهدف 31% بحلول عام 2030.
البصمة البيئية ليست النقطة السوداء الوحيدة. ظروف العمل في مصانع الموردين في الصين تثير قلقاً شديداً. تفيد تقارير بأن العمال الذين يصنعون ملابس Shein يعملون 75 ساعة أسبوعياً مع يوم ونصف فقط راحة في الشهر. هناك أيضاً شبهات حول استخدام العمل القسري، خاصة مع أقلية الأويغور. في المقابل، يؤكد متحدث باسم Shein أن الشركة تفرض رقابة صارمة على مورديها السبعة آلاف، وأن متوسط أجر العمال في الصين أعلى بكثير من الحد الأدنى للأجور.
تواجه Shein أيضاً اتهامات بالتقليد والمنافسة غير العادلة من علامات تجارية أخرى. يدعي البعض أن Shein تنسخ تصاميم الملابس وحتى صور المنتجات. Shein تنفي هذه الاتهامات وتؤكد أنها لا تعتمد على التقليد وأنها تتعامل بجدية مع أي بلاغات.
في محاولة للحد من التأثيرات السلبية للموضة السريعة، هناك جهود في بعض الدول لوضع قوانين لتنظيم هذه الصناعة. هذه القوانين قد تشمل فرض رسوم إضافية على المنتجات التي تضر بالبيئة أو حتى حظر الإعلانات لبعض الشركات التي تشجع على الاستهلاك المفرط. الهدف هو جعل المستهلكين يفكرون مرتين قبل الشراء.
ترد Shein على هذه الضغوط بحملات إعلانية كبيرة، وتسعى لإقناع الجمهور بأنها ليست شركة "موضة سريعة" بل شركة "موضة حسب الطلب"، تنتج فقط ما يُطلب لتقليل الهدر. لكن النقاد يرون أن هذا التمييز لا يغير من حقيقة النموذج القائم على الإنتاج الضخم والاستهلاك السريع.
للدفاع عن مصالحها، تنفق Shein مبالغ طائلة على جهود الضغط السياسي في أوروبا. استأجرت الشركة مستشارين وخبراء ذوي نفوذ، بما في ذلك مسؤولون سابقون، للتأثير على المشرعين. هذه الممارسات تثير الجدل والانتقادات، حيث يعتبرها البعض محاولة لعرقلة القوانين التي تهدف لحماية البيئة وحقوق العمال.
تُظهر التطورات التشريعية في بعض الدول أن جهود Shein قد تؤثر على صياغة القوانين، حيث تم تخفيف بعض المقترحات التي كانت تستهدف شركات الموضة السريعة. لكن النقاش مستمر، والسعي لتنظيم هذه الصناعة مستمر لحماية البيئة وحقوق الإنسان.