
في كلمات قليلة
مدينة سانت ألبانز البريطانية اتخذت مبادرة ناجحة لتقليل استخدام الهواتف الذكية بين الأطفال دون 14 عاماً. شهدت إحدى المدارس انخفاضاً في نسبة امتلاك الهواتف من 75% إلى 12% في عام واحد، مما أدى إلى تحسن في التركيز وتقليل مشاكل مثل التنمر الإلكتروني.
بينما تستعد دول عديدة لتعزيز حظر استخدام الهواتف المحمولة في المدارس، تقف مدينة في المملكة المتحدة لتشارك تجربتها الناجحة في تغيير عادات الشباب تجاه الأجهزة الذكية.
تسعى مدينة سانت ألبانز، الواقعة على بعد حوالي 20 كيلومتراً شمال لندن، لتصبح أول مدينة بريطانية خالية من الهواتف الذكية للأطفال دون سن 14 عاماً. وبعد مرور عام على إطلاق مبادرة من قبل إحدى المدارس المحلية، تبدو النتائج واعدة للغاية. على الرغم من أن المدينة لا تزال بعيدة عن تحقيق هدفها بالكامل، إلا أن الأرقام المتعلقة بامتلاك الأطفال للهواتف الذكية تغيرت بشكل كبير.
على سبيل المثال، في ديسمبر 2023، عندما أجرت مدرسة كانينجهام هيل استطلاعاً بين طلابها في الصف السادس (الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و11 عاماً)، تبيّن أن 45 طالباً من أصل 60 يمتلكون هاتفاً ذكياً، أي ما يعادل 75%. بعد عام واحد، انخفض هذا العدد ليصبح 7 طلاب فقط، أي 12%. ولوحظ انخفاض مماثل في مؤسسات تعليمية أخرى بالمدينة.
قبل أن تطلق مديرة المدرسة المبادرة، كان الموظفون يلاحظون العديد من المشاكل المرتبطة بتطبيق واتساب، حيث كانت المجموعات تضم نحو مئة شخص، نصفهم تقريباً لم يكونوا مسجلين في المدرسة. وكانت التفاعلات بين الأطفال غالباً سلبية جداً، مع استخدام لغة غير لائقة ومشاركة صور غير مناسبة.
تشرح المديرة، جستين إلبورن-كلود، بتفاؤل أن المشاكل المتعلقة باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي قد تراجعت بشكل ملحوظ، حتى لو لم تختفِ تماماً:
"كنا نعلم أن النجاح لن يأتي بين عشية وضحاها، لكننا نجحنا في تغيير طريقة التفكير. وكل شيء يتطور مع الأطفال. نعتقد أن هذا التوجه سيستمر، وهناك ضغط متزايد في جميع أنحاء البلاد. لذلك، أعتقد أنه ستكون هناك حركة على المستوى الوطني، ونأمل أن يساعد ذلك في تأجيل سن التعرض لهذه الأجهزة وحماية الصحة العقلية لأطفالنا بشكل أفضل".
النتيجة الإيجابية للمبادرة هي أن الأطفال أصبحوا أكثر تركيزاً. وكشف استطلاع حديث أن 23% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و15 عاماً يقضون أكثر من أربع ساعات يومياً أمام الشاشات. لا يزال الحظر الشامل بعيد المنال، لكن أطفالاً في المدينة بعمر 11 عاماً عبّروا عن وجهات نظر ناضجة بشكل مدهش حول هذه المسألة.
زارا، البالغة من العمر 11 عاماً، التي سحب والداها هاتفها، تؤكد: "بدون الهاتف في المدرسة، أستطيع التركيز بسهولة أكبر على الدروس. أدركت أنني خلال الدروس أبلي بلاءً حسناً، لأنني لا أركز على شيء آخر".
أما سونيا، وهي أيضاً في الـ11 من عمرها، فلم تمتلك هاتفاً قط: "أردت واحداً عندما كنت صغيرة، واعتقدت أنني سأحصل عليه في سن 11. لكن الآن، لم أعد أعتقد أنه مناسب، لأنني سمعت عن كل العواقب الضارة. أعرف أن أشياء سيئة يمكن أن تحدث، مثل التنمر الإلكتروني في الألعاب عبر الإنترنت وعلى شبكات التواصل الاجتماعي".
وفقاً للبيانات، يمتلك 97% من الأطفال في المملكة المتحدة بعمر 12 عاماً هاتفاً ذكياً. وفي العديد من الدول العربية والشرقية، تتزايد نسبة امتلاك الأطفال للأجهزة الذكية، مما يجعل تجربة سانت ألبانز مثالاً يحتذى به في مواجهة تحديات العصر الرقمي وتأثيرها على النشء.