
في كلمات قليلة
وجد باحثون ثلاثة مركبات طبيعية داخل الفلفل الحار تقلل من إحساسه بالحرقة. هذا الاكتشاف قد يؤدي إلى تطوير طرق جديدة للتحكم في حرارة الأطعمة أو حتى مسكنات للألم.
تأتي حرارة الفلفل الحار ونكهته اللاذعة من مركبات تسمى الكابسايسينويدات (Capsaicinoids). هذه المركبات الكيميائية هي المسؤولة عن الإحساس بالحرقة الشديدة في الفم، واحمرار الوجه، والتعرق، والعيون الدامعة التي نشعر بها عند الإفراط في استخدام الفلفل.
عادةً ما يُنصح بشرب الحليب أو تناول الزبادي - وتجنب الماء تمامًا - لتهدئة هذا الشعور الحارق. ولكن ماذا لو كان هناك مركب مباشر "مضاد للحرارة" يجنبنا الحاجة إلى التخلص من طبق شديد الحرارة أو المعاناة لإنهاء الأكل رغم الشعور بالاحتراق؟
لحسن حظ محبي الأطعمة الحارة، قد يصبح مثل هذا المركب متاحًا قريبًا. حدد باحثون من جامعة ولاية أوكلاهوما بالولايات المتحدة الأمريكية، ونُشرت أعمالهم في مجلة Journal of Agricultural and Food Chemistry، ثلاثة مركبات طبيعية تخفف من حرارة الفلفل الحار... والمفاجأة أنها موجودة في الفلفل نفسه!
تُقاس درجة حرارة الفلفل تقليديًا باستخدام مقياس سكوفيل (SHU)، والذي يعتمد على الكمية الإجمالية من مركبين رئيسيين من الكابسايسينويدات وهما الكابسايسين (Capsaicin) والديهيدروكابسايسين (Dihydrocapsaicin). يتراوح المقياس من صفر SHU للفلفل الحلو إلى ملايين SHU لأشد أنواع الفلفل حرارة.
ومع ذلك، لاحظ الباحثون أن بعض أنواع الفلفل التي تحتوي على مستويات عالية من الكابسايسينويدات تكون أقل حرارة مما يوحي به مؤشرها على مقياس سكوفيل، مما يثير تساؤلات حول موثوقية المقياس الذي تم إنشاؤه عام 1912.
قرر الباحثون، بقيادة ديفين بيترسون وجويل بورشيردينج وإديسون تيلو، دراسة أنواع مختلفة من الفلفل بشكل أعمق. قاموا بجمع عينات من عشرة أصناف، وقاسوا كمية الكابسايسين والديهيدروكابسايسين فيها. بعد ذلك، قامت لجنة من المتذوقين ذوي الخبرة بتقييم شدة كل عينة، بعد إضافتها إلى الماء، حيث احتوى كل خليط على 800 SHU، وهو مستوى يُفترض أنه حار ولكنه محتمل.
على الرغم من أن كمية الكابسايسينويدات كانت متطابقة في كل عينة، إلا أن درجات الحرارة التي شعر بها المتذوقون تباينت بشكل كبير بين أنواع الفلفل المختلفة. أشارت هذه النتيجة إلى الباحثين أن مكونات كيميائية أخرى غير الكابسايسين والديهيدروكابسايسين تؤثر على الإحساس بالحرارة، مما يشير إلى وجود محتمل "لمثبطات الحرارة".
سمحت تحليلات أعمق للتركيب الكيميائي لبودرة الفلفل للباحثين بتحديد المركبات التي يُعتقد أنها تغير الإحساس بالحرارة. قامت مجموعة أخرى من المتذوقين بتقييم ما إذا كانت هذه المركبات، منفردة أو مجتمعة، تعدل درجة حرارة الكابسايسين والديهيدروكابسايسين.
تبين أن ثلاثة من خمسة مركبات تم اختبارها، وهي الكابسيانوزايد I (Capsianoside I)، والروزيو سايد (Roséoside)، والجينجرجليكوليبايد A (Gingerglycolipide A)، كانت موجودة بكميات كبيرة في أنواع الفلفل التي لم تكن حارة بالقدر المتوقع وفقًا لمقياس سكوفيل. يبدو أن هذه المركبات هي التي تقلل من شدة الحرارة.
ومع ذلك، لم يكن لهذه المركبات الثلاثة تأثير إضافي عند دمجها، ولم يتمكن الباحثون من إزالة الإحساس بالحرارة تمامًا. لكنهم لاحظوا أن أياً من هذه "المثبطات"، عند إذابته في الماء، لم يكن له طعم.
يقول ديفين بيترسون، أحد مؤلفي الدراسة، إن اكتشاف مركبات غذائية طبيعية تقلل من الحرارة "يفتح فرصًا واعدة لصناعة الأغذية والأدوية". يمكن أن تتيح هذه التطورات "تخصيص نكهات حارة مرغوبة أو تؤدي إلى ابتكار توابل تهدف إلى تخفيف درجة الحرارة الزائدة في الأطباق".
كما يشير بيترسون إلى الإمكانات الطبية للاكتشاف، والتي قد تسمح بتصميم عوامل مسكنة للألم غير أفيونية. هذا المركب "المضاد للحرارة" موجود حاليًا في المختبر فقط ويحتاج إلى اجتياز اختبارات السلامة الصحية قبل أن يصبح قابلاً للتسويق.