
في كلمات قليلة
في رسالة مؤثرة، تعبر ابنة مزارع فرنسي عن مخاوفها من انهيار الزراعة في فرنسا بسبب السياسات المتناقضة. تنتقد "قانون دوبلومب" والنفاق المتمثل في حظر المبيدات محلياً مع استيراد منتجات معالجة بها، مما يدمر المزارعين ويهدد الأمن الغذائي للبلاد.
في شهادة مؤثرة تعكس عمق الأزمة التي يواجهها المزارعون في فرنسا، وجهت شابة، هي ابنة وحفيدة لمزارعين، نداءً عبرت فيه عن مخاوفها العميقة على مستقبل القطاع الزراعي في بلادها. وانتقدت ما وصفته بـ "النفاق" في السياسات الحكومية والفجوة المتنامية بين صانعي القرار والواقع الذي يعيشه المزارعون يومياً.
يدور الجدل الرئيسي حول "قانون دوبلومب"، الذي يسمح بإعادة استخدام بعض المبيدات الحشرية مثل الأسيتاميبريد، وهو ما أثار حفيظة دعاة حماية البيئة. ومع ذلك، ترى الشابة أن النقاش يتجاهل قضية جوهرية، وهي أن المنتجات التي يُحظر على المزارعين الفرنسيين إنتاجها باستخدام هذه المواد، يتم استيرادها بكميات ضخمة من دول أخرى لا تلتزم بنفس المعايير.
"ما الفائدة من منع مزارعينا من استخدام مواد معينة، إذا كنا في النهاية نستورد منتجات تمت معالجتها بنفس هذه المواد؟" تتساءل الشابة، مشيرة إلى مفارقة صارخة. "على سبيل المثال، ترفض فرنسا إنتاج البندق المعالج بالأسيتاميبريد على أراضيها، لكنها تستورده من تركيا. نحن لا نرى ذلك، وبالتالي لا نهتم."
وتشير الإحصاءات إلى أن فرنسا هي أكبر مستهلك للبندق في الاتحاد الأوروبي، وأن نصف منتجي البندق الفرنسيين على وشك الإفلاس. هذا الوضع يسلط الضوء على التناقضات الصارخة في السياسة الزراعية التي تفرض على المزارعين المحليين معايير صارمة بينما تفتح الأبواب أمام الواردات الأقل تنظيماً.
كما ألقت الضوء على الفجوة الثقافية والاجتماعية الهائلة بين سكان المدن والمجتمعات الريفية. فالعديد من سكان المدن، الذين قد يوقعون على عرائض ضد استخدام المبيدات، يجهلون تماماً حقيقة العمل الزراعي وتحدياته. وقالت: "لقد سئم المزارعون من أن تقرر مهنتهم من قبل بيروقراطيين لم تطأ أقدامهم حقلاً قط".
وأعربت الشابة عن إحباطها الشخصي ورغبتها في تولي مزرعة العائلة، وهو حلم يبدو الآن "مستحيلاً" بسبب انعدام الجدوى الاقتصادية. وأوضحت أن المزارعين يُطالبون بإنتاج أفضل وأسرع وأرخص، دون توفير الدعم اللازم لتحقيق ذلك. حتى التحول إلى الزراعة العضوية، الذي يبدو حلاً مثالياً، يواجه تحديات كبيرة بسبب عدم استعداد المستهلكين لدفع السعر الحقيقي للمنتجات النظيفة.
في ختام رسالتها، حذرت من أن الاعتماد على الواردات الغذائية في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية يمثل خطراً على الأمن الغذائي للبلاد. ودعت إلى نظرة أكثر واقعية وتعقيداً للقضايا الزراعية، تتجاوز الشعارات البيئية البسيطة، وتدعم المزارعين الذين يمثلون حجر الزاوية في استقلال فرنسا الغذائي وثقافتها وتراثها. وقالت: "اليوم أشعر بالخوف، والعلاج الوحيد الذي وجدته هو الكتابة من أجل المزارعين".