
في كلمات قليلة
يكشف تقرير صادر عن جامعة ييل الأمريكية تفاصيل صادمة حول "نظام صناعي" روسي لترحيل الأطفال الأوكرانيين. ويصف الباحث الرئيسي، ناثانيال ريموند، هذه العملية بأنها أكبر عملية نقل قسري لمجموعة عرقية منذ جرائم النازية، حيث يقدر عدد الأطفال المحتجزين بـ 35 ألف طفل، يتم إخضاعهم للدعاية والتدريب العسكري.
كشفت تقارير صادرة عن مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل عن نظام "ممنهج وصناعي" أنشأته السلطات الروسية منذ بداية حربها على أوكرانيا لترحيل الأطفال الأوكرانيين. ووفقًا للباحثين، يتم نقل الأطفال إلى روسيا، حيث يخضعون لدعاية مكثفة، ثم يتم إيداعهم في مؤسسات أو تبنيهم من قبل عائلات روسية، وفي بعض الحالات يتم إرسالهم إلى معسكرات عسكرية لتدريبهم على القتال. ويتم لاحقًا تجنيد بعضهم في الجيش الروسي.
ناثانيال ريموند، مدير المختبر وخبير التحقيق في جرائم الحرب، وصف هذه الممارسات في حوار له بأنها "أكبر حالة ترحيل ونقل قسري لمجموعة عرقية إلى أخرى" منذ جرائم النازيين في الحرب العالمية الثانية، وهي جريمة ضد الإنسانية وفقًا للمحكمة الجنائية الدولية. وفي 27 يونيو، أصدر مختبره تقريرًا جديدًا بأرقام مفزعة، حيث يقدر أن ما مجموعه 35 ألف طفل أوكراني محتجزون حاليًا في روسيا أو في الأراضي المحتلة.
عند سؤاله عن سوابق تاريخية لمثل هذا الحجم، أوضح ريموند: "في عام 1949، قام ستالين بترحيل جماعي لعائلات ليتوانية ولاتفية وإستونية إلى سيبيريا ومناطق أخرى من الاتحاد السوفيتي. وفي الثمانينيات، كانت هناك عمليات اختطاف أطفال في أمريكا الجنوبية، خاصة في الأرجنتين وغواتيمالا وتشيلي. لكن لا شيء يضاهي حجم ما يحدث اليوم في روسيا. نعتقد أنها أكبر عملية ترحيل قسري منذ جرائم النازيين في بولندا".
وأوضح ريموند أن برنامج "الروسنة" الممنهج هذا بدأ بعد 24 فبراير 2022 ومر بأربع مراحل. بدأت المرحلة الأولى مباشرة بعد الغزو بهدف روسنة الأطفال في المناطق المحتلة. وخلال شتاء 2022-2023، مع بدء خسارة روسيا للأراضي، انتقلت إلى المرحلة الثانية، حيث استخدمت الأطفال كأداة دعاية لتبرير الحرب لشعبها. وفي المرحلة الثالثة، بدأت السلطات الروسية في إخفاء المعلومات حول البرنامج وأماكن وجود الأطفال. أما المرحلة الرابعة والأخيرة، فقد بدأت مع استخدام الأطفال كورقة مساومة في المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا.
وحول كيفية توثيق الحالات، ذكر ريموند أن فريقه يستخدم أساليب متعددة. يتم جمع الصور من وسائل التواصل الاجتماعي الروسية ومقارنتها بصور الأقمار الصناعية لتحديد مواقع الأطفال وتتبع تحركاتهم. كما يتم تحليل البيانات الوصفية للصور واستخراج معلومات من قواعد البيانات وتسجيلات الاتصالات. وأكد أن جميع الفتيان، خاصة المراهقين، يتلقون تدريبًا عسكريًا، حيث يتم إرسالهم إلى معسكرات تدريب شبه عسكرية. وقال: "لدينا صور لأطفال، بعضهم لا يزالون صغارًا، وهم يتدربون على استخدام الأسلحة".
وفي ختام حديثه، وجه ريموند نقدًا حادًا لقلة الموارد المخصصة للتحقيق في هذه الجرائم. وقال: "لدينا 35 ألف شاب مفقود، وقد حددنا رسميًا 329 منهم فقط، لكننا على وشك النفاد من الأموال. في الأول من أكتوبر، سنتوقف عن أنشطتكم لعدم وجود دعم فيدرالي. نحن مجرد بضع عشرات من الأشخاص هنا في ييل نبحث عن هؤلاء الأطفال. أين أوروبا؟ أين أجهزة الشرطة والاستخبارات؟ إذا كان هؤلاء أطفالكم، لا أعتقد أنكم كنتم ستجدون الموارد الحالية كافية".