مستقبل غامض لكاليدونيا الجديدة: باريس تقترح "فترة انتقالية" قد تمهد للاستقلال

مستقبل غامض لكاليدونيا الجديدة: باريس تقترح "فترة انتقالية" قد تمهد للاستقلال

في كلمات قليلة

في أعقاب أعمال شغب عنيفة، بدأت فرنسا محادثات جديدة لتحديد مستقبل كاليدونيا الجديدة. طرح الرئيس إيمانويل ماكرون فكرة "فترة انتقالية" تمتد لعشرين عامًا قد تؤدي إلى استقلال الإقليم وتأسيس "دولة مرتبطة بفرنسا"، وسط انقسامات حادة بين المؤيدين للاستقلال والمعارضين له.


في أحد فنادق ضواحي باريس، بعيدًا عن الأضواء، تُجرى محادثات حاسمة لتحديد مصير كاليدونيا الجديدة، الأرخبيل الفرنسي الواقع في المحيط الهادئ. فبعد أعمال الشغب الدامية التي هزت الإقليم في 13 مايو 2024 وأسفرت عن 14 قتيلاً، تحاول الحكومة الفرنسية رأب الصدع وإعادة إطلاق الحوار بين المؤيدين للاستقلال (الانفصاليين) والمؤيدين للبقاء ضمن الجمهورية الفرنسية (الولائيين).

في خطوة مفاجئة، ابتعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن موقفه الحازم السابق، الذي كان يؤكد أن "كاليدونيا الجديدة فرنسية لأنها اختارت أن تبقى فرنسية" بعد ثلاثة استفتاءات رفضت الاستقلال. أمام عمق الأزمة، اقترح ماكرون الآن مسارًا جديدًا: "فترة انتقالية" تمتد من 15 إلى 20 عامًا، تخصص لإعادة بناء الاقتصاد والمجتمع، تليها مرحلة للتفكير في شكل الدولة الكاليدونية الجديدة.

هذا التغيير في اللهجة يفتح الباب أمام سيناريوهات كانت مستبعدة في السابق. ففي قلب النقاشات التي تجري في بلدية بوجيفال، تبرز فكرة "الدولة المرتبطة بفرنسا"، وهي صيغة تشبه "كومنولث على الطريقة الفرنسية". وبموجب هذا الطرح، يمكن لكاليدونيا الجديدة أن تصبح دولة مستقلة ذات سيادة، ولكنها تحتفظ بروابط وثيقة مع باريس في مجالات كالدفاع والشؤون الخارجية.

يعكس هذا التوجه إدراكًا متزايدًا في قصر الإليزيه بأن استقلال كاليدونيا الجديدة قد يكون حتميًا يومًا ما. ويرى مراقبون أن ماكرون "يُعد الطائر للخروج من العش"، محاولًا ضمان أن يتم هذا الانفصال بشكل منظم يحافظ على مصالح فرنسا ونفوذها في المنطقة، خاصة في وجه قوى عالمية مثل الصين التي تسعى لتعزيز وجودها في المحيط الهادئ.

لكن الطريق نحو الاتفاق لا يزال مليئًا بالعقبات. الانقسامات بين الطرفين عميقة، وكل منهما يفسر مقترحات باريس بما يخدم رؤيته. يخشى الولائيون أن تكون هذه الفترة الانتقالية مجرد تمهيد للاستقلال الكامل، بينما يرى الانفصاليون أنها فرصة تاريخية لتحقيق حلمهم بدولة ذات سيادة كاملة، أو "كاناكي" كما يسمونها.

وتدور المناقشات السرية حول قضايا حساسة مثل تحديد من له حق التصويت، ونقل الصلاحيات السيادية (الدفاع، القضاء، الخارجية)، وإنشاء جنسية كاليدونية، وحتى الحصول على مقعد في الأمم المتحدة. يسعى المفاوضون للتوصل إلى وضع فريد من نوعه (sui generis)، وهو حل مبتكر قد لا يكون له مسمى بعد، لكنه السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

يأتي هذا التحول في موقف باريس أيضًا على خلفية تغيرات ديموغرافية وانتخابية. تشير النتائج الأخيرة إلى تزايد قوة التيار الاستقلالي، كما أن الأرخبيل شهد مغادرة الآلاف من سكانه، معظمهم من أصول أوروبية، مما قد يغير موازين القوى في أي استفتاء مستقبلي. يبدو أن الدولة الفرنسية تستعد "لخروج منظم"، بدلًا من مواجهة واقع قد يُفرض عليها مستقبلًا.

نبذة عن المؤلف

يانا - صحفية متخصصة في قضايا التعليم والعلوم في فرنسا. تعتبر موادها عن الجامعات الفرنسية والإنجازات العلمية دائمًا ذات صلة ومفيدة.