هجوم كشمير: الهند تدعو أوروبا لـ «فتح الأعين» على الإرهاب الممول من باكستان

هجوم كشمير: الهند تدعو أوروبا لـ «فتح الأعين» على الإرهاب الممول من باكستان

في كلمات قليلة

هجوم إرهابي في كشمير الهندية يسفر عن مقتل 26 سائحاً. الهند تتهم باكستان بتمويل الإرهابيين وتنتقد وسائل الإعلام الغربية لتقليلها من شأن الهجوم، داعية أوروبا لإدراك الطبيعة العالمية للتهديد الإرهابي.


أعاد الهجوم الإرهابي الأخير في كشمير الهندية المنطقة إلى دائرة الرعب. فقد قُتل ستة وعشرون سائحاً، غالبيتهم من غير المسلمين، بدم بارد تحت أنظار عائلاتهم. تحولت باهالجام، المعروفة باسم «سويسرا الصغيرة» في كشمير لما كانت تتمتع به من هدوء، إلى مسرح لعمل وحشي مُدبّر.

من يقف وراء هذا الهجوم؟ السلطات الهندية تشير إلى إرهابيين تابعين لجماعة «جبهة المقاومة» (The Resistance Front - TRF)، التي تعتبر امتداداً لمنظمة «لشكر طيبة» المعروفة، وتتهم باكستان بتمويل وتسليح هذه الجماعات.

وفقاً للتحقيقات الأولية، استخدم المهاجمون بنادق هجومية من طراز M4 Carbine أمريكية الصنع، وكان بعضهم يتحدث لغة البشتو، وهي لغة منتشرة في باكستان وليست في كشمير الهندية. يُنظر إلى الهجوم على أنه يحمل بصمة واضحة لمحاولة من الجارة (باكستان) لتحويل الانتباه، خاصة في ظل مواجهتها لتحديات داخلية كبيرة، مثل ارتفاع التضخم وتفاقم عدم الاستقرار وتآكل الثقة في النخب السياسية.

إلى جانب المأساة الإنسانية، تتكشف مأساة أخرى تتمثل في طريقة تغطية وسائل الإعلام الغربية لهذا الحدث. ففي حين عبّر زعماء أوروبيون، مثل إيمانويل ماكرون، وجورجيا ميلوني، وأولاف شولتس، عن إدانة واضحة للهجوم، فضلت عدة وسائل إعلام بارزة، حسب ما ورد، تخفيف الحقائق.

صحيفة «الغارديان» البريطانية وصفت المهاجمين بـ «المسلحين المزعومين»، واكتفت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بنقل تصريحات مسؤولين أجانب دون أن تجرؤ هي نفسها على وصف الهجوم بأنه إرهابي. قناة TRT التركية تحدثت عن مجرد «حادث إطلاق نار في كشمير». وفي فرنسا، أشارت صحيفة «ليبراسيون» إلى «متمردين». كيف يمكن تفسير كل هذه المراوغات اللفظية في مواجهة مجزرة استهدفت مدنيين أبرياء بشكل مباشر؟

يتناقض هذا الحذر في التعبير بشكل صارخ مع السرعة في إدانة الهجمات الإرهابية التي تقع في الغرب أو ضد حلفائه، وهو أمر مبرر بالطبع. على سبيل المثال، عند هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، وصفت العديد من وسائل الإعلام الهجوم فوراً بأنه إرهاب. ولكن عندما تكون الضحايا هنوداً، تصبح المصطلحات أكثر بروداً وعدم يقيناً. هذا الموقف يكشف عن معيار مزدوج خطير.

بالتقليل من فظاعة الهجوم، يتم التقليل من قيمة الأرواح غير الغربية، ويتم الحفاظ على وهم بأن الإرهاب قضية محلية لا تداعيات لها على أوروبا. هذا يساهم، عن وعي أو غير وعي، في بناء رواية متحيزة تضعف الاستجابة الدولية للتهديد. فالهجوم في كشمير ليس حالة معزولة؛ بل يندرج ضمن ديناميكية عالمية أوسع. الجماعات المتطرفة تتبادل الخبرات، تتطرف عبر الإنترنت، وتنظم اجتماعات في الأراضي الباكستانية.

في فبراير الماضي، على سبيل المثال، اجتمع ممثلون عن جماعات «جيش محمد»، و«لشكر طيبة»، وحماس في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية لتنسيق تحركاتهم.

كان هجوم باهالجام يستهدف أيضاً نجاحاً تحقق في كشمير؛ منطقة شهدت هدوءاً نسبياً، وسياحة قياسية، وتدفقاً للاستثمارات الأجنبية، وتمكنت من إجراء انتخابات سلمية واستضافة قمة مجموعة العشرين. هذا التطبيع هو ما يسعى الإرهابيون إلى تدميره. وبذلك، يرسلون تحذيراً للعالم كله: لا توجد منطقة أو دولة في مأمن. رفض تسمية الرعب باسمه الحقيقي هو تجاهله، بل وتشجيعه. غض الطرف عن مموليه الحقيقيين هو إعداد للمآسي القادمة.

أوروبا بالأمس، الهند اليوم، وأوروبا غداً مرة أخرى: الإرهاب عابر للحدود. بتبني لغة منمقة ومعقمة، تقوّض بعض وسائل الإعلام الغربية مصداقيتها، وتخون القيم التي تدعي الدفاع عنها، وتضعف قدرة مجتمعاتها على الاستجابة بفعالية للتهديدات. حان الوقت للاعتراف بأن جميع الأرواح لها نفس القيمة، وأن جميع أشكال العنف ليست متساوية، ولكن يجب تسميتها جميعاً بما هي عليه. حان الوقت لأن تمنح وسائل الإعلام الأوروبية لضحايا كشمير الكرامة التي تطالب بها، وبحق، لضحاياها. حان الوقت للتوقف عن النظر إلى الجهة الأخرى عندما يضرب الإرهاب.

Read in other languages

نبذة عن المؤلف

سيرجي - محلل اقتصادي، يحلل الأسواق المالية في فرنسا والاتجاهات الاقتصادية العالمية. تساعد مقالاته القراء على فهم العمليات الاقتصادية المعقدة.