
في كلمات قليلة
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين قبل سبتمبر، في خطوة تهدف لقيادة مبادرة دولية. يهدف هذا التحرك إلى الدفاع عن القانون الدولي والرد على اتهامات "الكيل بمكيالين"، رغم محدودية النفوذ المباشر على إسرائيل.
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نية بلاده الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر. وتأتي هذه الخطوة، التي تم الإعلان عنها وسط تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، لتمثل تحولاً كبيراً في الدبلوماسية الفرنسية وقد تغير موازين القوى في جهود التسوية في الشرق الأوسط.
لم يكن قرار باريس مفاجئاً بالكامل، فقد كانت هناك محادثات جادة حول هذا الاعتراف في الربيع الماضي، لكن تجدد الأعمال العدائية بين إيران وإسرائيل أجبر فرنسا على تأجيل خططها. والآن، بعد شهر من وقف إطلاق النار، يعود ماكرون إلى هذه المبادرة، ساعياً ليكون أول زعيم من مجموعة السبع يتخذ مثل هذه الخطوة. ويأمل قصر الإليزيه في حشد زخم دولي وإقناع بعض الحلفاء الغربيين، مثل المملكة المتحدة وكندا، بالسير على خطى فرنسا.
يرى محللون أن هذه الخطوة هي محاولة فرنسية لاستعادة دورها كقائد أخلاقي على الساحة العالمية في وقت تضاءل فيه نفوذ الولايات المتحدة. وتسعى باريس من خلالها للدفاع عن نظام دولي قائم على القانون بدلاً من منطق القوة.
كما يُنظر إلى الاعتراف بفلسطين على أنه رد على اتهامات "الكيل بمكيالين" الموجهة للغرب، خاصة عند المقارنة بين التعامل مع قضيتي أوكرانيا وفلسطين. هذه الانتقادات، التي يؤججها لاعبون مثل روسيا وإيران، أضعفت الموقف الأخلاقي للدول الغربية، لا سيما في إفريقيا.
على الرغم من الطموحات الكبيرة، فإن نفوذ فرنسا المباشر على إسرائيل محدود. ولا يزال اللاعبون الرئيسيون في جهود التسوية هم الولايات المتحدة، وبدرجة أقل، الاتحاد الأوروبي. لكن الاتحاد الأوروبي منقسم بشدة حول هذه القضية، بينما يبدو أن واشنطن تفقد قدرتها على التأثير بشكل حقيقي على تل أبيب. في ظل هذه الظروف، لا تهدف الدبلوماسية الفرنسية إلى حل النزاع فوراً، بل إلى تهيئة الظروف المواتية لتسوية مستقبلية ومواجهة فكرة "إسرائيل الكبرى".
وتستبعد المبادرة الفرنسية أي حوار مع حركة حماس التي تصنفها باريس كمنظمة إرهابية. وتقتصر الاتصالات على السلطة الفلسطينية، التي يُتوقع منها إجراء إصلاحات عميقة وتنظيم انتخابات بحلول عام 2026. ورغم أن رسالة ماكرون إلى محمود عباس تذكر شروط إطلاق سراح الرهائن ونزع سلاح حماس، إلا أن السلطة الفلسطينية لا تملك القدرة الفعلية على تحقيق ذلك.
يجادل المنتقدون بأن الاعتراف بفلسطين اليوم يرقى إلى مستوى إضفاء الشرعية على هجوم 7 أكتوبر. ومع ذلك، يؤكد مؤيدو القرار أن دعم حل الدولتين كان دائماً سياسة فرنسية خارجية ثابتة على مدى عقود، بدءاً من عهد فرنسوا ميتران. والدافع الأساسي وراء الإعلان الحالي هو الكارثة الإنسانية في غزة والجمود السياسي.
وهكذا، على الرغم من أن اعتراف أكثر من 70% من أعضاء الأمم المتحدة بدولة فلسطين لم يؤدِ بعد إلى قيام دولة فعلية، فإن خطوة فرنسا تحمل أهمية رمزية وسياسية كبيرة. وتهدف إلى إعادة تأكيد التزام باريس بالقانون الدولي وإطلاق ديناميكية دبلوماسية جديدة قد تفضي في المستقبل إلى قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ومنزوعة السلاح.