
في كلمات قليلة
أكد مدير المكتب الوطني لمكافحة الاحتيال في فرنسا وجود صلات مباشرة بين الجريمة المنظمة والاحتيال الضريبي. وأشار إلى فعالية المكتب في استعادة الأصول وتكيّفه مع تحديات مثل العملات المشفرة، لكنه يرى أن العقوبات الحالية غير رادعة.
أكد كريستوف بيرو، القاضي ومدير المكتب الوطني لمكافحة الاحتيال في فرنسا، وجود صلات وثيقة وقائمة بين الجريمة المنظمة واسعة النطاق وعمليات الاحتيال الضريبي. وفي تصريحات لوسائل إعلام فرنسية، اعتبر بيرو أن الأشخاص المتورطين في هذه القضايا ليسوا مجرد متهربين، بل هم "مجرمون حقيقيون"، ورأى أن العقوبات الحالية المفروضة على الاحتيال الضريبي في البلاد غير كافية على الإطلاق.
يتولى المكتب، الذي يضم حوالي 300 محقق متخصص، متابعة نحو 900 قضية احتيال ضريبي معقدة حالياً. ويتم استدعاء خدمات المكتب وخبراته عندما تعجز الإدارة الضريبية التقليدية عن التعامل مع أنظمة الاحتيال المعقدة للغاية التي ينشئها المحتالون، لا سيما تلك التي تتضمن عمليات وعناصر خارج حدود البلاد. يقول بيرو: "نحن نستعيد أموالاً للخزانة العامة أكثر بكثير مما نكلفها كخدمة مكافحة احتيال"، مشيراً إلى أن المكتب ينجح في حجز أصول تقدر قيمتها بنحو 600 مليون يورو سنوياً في المتوسط، مع وجود قضايا كبرى تتجاوز قيمة الأموال المتورطة فيها مئات الملايين من اليوروهات.
لأداء عمله بفعالية وكشف الشبكات المعقدة، يحتاج المكتب إلى وسائل تكنولوجية وفنية متطورة جداً، خاصة لجمع ومعالجة وتحليل كميات هائلة من البيانات تصل إلى تيرابايتات لفهم آليات الاحتيال وتفكيكها. وقد تكيف المكتب بشكل كبير مع التطورات الحديثة في العالم المالي، مثل انتشار العملات المشفرة. تم تدريب جميع العاملين في المكتب على التعامل مع هذه الأصول الرقمية، وهو ما سمح، وفقاً لبيرو، باكتشاف أنواع جديدة من الاحتيال لم يكن بالإمكان رصدها في السابق.
"غسيل الأموال هو خدمة تقدمها هذه الشبكات الإجرامية"، يوضح بيرو، مشيراً إلى أنه قد يتم استهداف قنوات وأنظمة معينة بشكل مباشر، خاصة تلك المتعلقة بغسيل أموال الاحتيال الضريبي، حيث توجد صلات مباشرة بين الجريمة المنظمة والاحتيال الضريبي. ضرب بيرو مثالاً توضيحياً: يمكن لأموال تم جنيها من تجارة المخدرات أن يتم "غسلها" وتبييضها عبر آليات التهرب الضريبي. ويضيف أن "مقدمو خدمات غسيل الأموال سيوفرون لك ما تبحث عنه" لإخفاء مصدر أموالك، سواء كان ذلك "شراء شقة فخمة في دبي، أو حساباً بنكياً سرياً، أو حساباً بالعملات المشفرة".
أجد أنه من الظلم الشديد أن يتمكن البعض، الذين يمتلكون غالباً وسائل وعلاقات ومعرفة أكثر بكثير من غيرهم، من التهرب من دفع الضرائب والتملص من مسؤولياتهم.
يؤكد كريستوف بيرو بثقة أن المتورطين في القضايا التي يعالجها مكتبه ليسوا مجرد محتالين على الورق، بل هم في الواقع "مجرمون" بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ومع ذلك، يرى أن العقوبة القصوى الحالية للاحتيال الضريبي في فرنسا، والتي تبلغ سبع سنوات سجناً، ليست رادعة وغير كافية مقارنة بجرائم أخرى مثل السرقة المسلحة أو السطو. وأشار بارتياح إلى أن هناك قانوناً قيد التصويت حالياً في البرلمان الفرنسي ينص على أن الاحتيال على الأموال العامة في إطار عصابة منظمة ستصل عقوبته إلى خمس عشرة سنة سجناً جنائياً مشدداً، معتبراً هذه الخطوة ضرورية لمواجهة هذا النوع من الجرائم بفعالية أكبر.