
في كلمات قليلة
تدور نقاشات حادة في فرنسا حول مفاهيم جديدة مثل الصحوة والشمولية، تؤثر على الفن، السياسة والحياة الاجتماعية. تشمل هذه النقاشات معارض فنية غامرة، وجدلاً حول الإسلاموفوبيا والكتابة الشمولية، مما يعكس انقسامات عميقة في المجتمع.
يشهد المجتمع الفرنسي نقاشات محتدمة حول مفاهيم اجتماعية وثقافية جديدة مثل «الشمولية» (inclusivity)، و«الانغماس» (immersive)، و«المشاركة» (participative). هذه المصطلحات، التي كانت ذات يوم مقتصرة على مجالات متخصصة، تتسلل اليوم إلى كل مناحي الحياة، من الفن إلى السياسة، وتثير حماساً ونقداً حاداً.
في عالم الفن، على سبيل المثال، تظهر مشاريع تهدف إلى إشراك الزائرين بأقصى درجة ممكنة. في أحد المراكز الفنية الباريسية، عُرضت منشأة «غامرة» يمكن للزوار فيها أن «يندمجوا» حرفياً في العمل الفني – شجرة عملاقة من الشوكولاتة ترمز للحياة والفرح. معرض آخر يقترح تحويل المركز الفني إلى حلبة رقص مستقبلية، حيث يمكن لكل زائر إنشاء توأمه الرقمي ومشاهدته يرقص بجنون – هذا ما يُعرف بـ «الكلوبينغ» (Clubbing)، وهو ليس مجرد معرض بل «حالة نشوة» يجب الدخول فيها.
هذه الأمثلة تعكس الرغبة في تحقيق أقصى قدر من الإشراك والمشاركة، حيث تتلاشى الحدود بين المبدع والمتلقي. وكما يلاحظ بعض المعلقين بسخرية، يبدو أن «كُلنا فنانون الآن، على الأقل في الشوكولاتة».
لكن إلى جانب التجارب الثقافية، أصبحت مفاهيم «الشمولية» و«الصحوة» (wokeism) موضوعاً لنزاعات سياسية واجتماعية ساخنة. القضايا المرتبطة بحركة #MeToo، ومسائل الإسلاموفوبيا، وسياسات الهجرة، وحتى اللغة (مثل استخدام ما يسمى بـ «الكتابة الشمولية»)، تثير آراءً متناقضة بشدة.
يُناقش الجدل الدائر حول الكاتب نيكولا بيدوس وكتابه الجديد، حيث يتأمل مصيره في سياق #MeToo. ويُثار نقاش حاد حول تعريف الإسلاموفوبيا بعد حادثة مأساوية وقعت في أحد المساجد، حيث تتباين آراء النقاد من اليسار واليمين حول تقييم هذه الظاهرة ومكانتها في المجتمع. كما أثار قرار الجمعية الوطنية بتكريم ضحية الحادثة بدقيقة صمت جدلاً واسعاً، إذ يرى بعض الفلاسفة أن ذلك يفتح دورة خطيرة من «التنافس على الضحوية» و«الندم».
يسخر بعض النقاد أيضاً من المبادرات الهادفة إلى تقديم «مواثيق أخلاقية» للصحفيين حول تغطية قضايا الهجرة، معتبرين ذلك مظهراً للأخلاق التقدمية. كل هذا يحدث على خلفية نقاش عام حول «الصحوة» (wokeism) – الحركة التي، بحسب معارضيها، تؤثر بشكل كبير على المؤسسات والحياة العامة، وتفرض مصالح أيديولوجية وحتى مالية معينة.
تُناقش أمثلة ملموسة لتجليات «الصحوة»: من الأوساط الأكاديمية، حيث أثار نشر كتاب ينتقدها عاصفة من الغضب، إلى القرارات السياسية، مثل حظر الكتابة الشمولية في طلبات الدعم المالي في إحدى المناطق.
حتى المؤسسات الثقافية، مثل أوبرا كوميك، تجد نفسها في دائرة الضوء بسبب عرض أوبرا من تأليف نسائي بالكامل، ووُصفت بأنها «مشتريات صفرية»، مما يثير تساؤلات حول دور الأيديولوجيات النشطة في الفن.
هذه الأمثلة المتنوعة – من منشآت الشوكولاتة إلى النقاشات السياسية – تُظهر أن مفاهيم «الشمولية» و«الصحوة» قد أصبحت محفزات لانقسامات ثقافية واجتماعية عميقة في فرنسا، حيث يحاول الجميع تحديد موقعهم على هذه الخريطة الأيديولوجية الجديدة.