
في كلمات قليلة
رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اقتراح تأميم شركة ArcelorMittal بعد إعلانها عن خطط لإلغاء مئات الوظائف. تطالب أحزاب اليسار والنقابات بالتدخل الحكومي لحماية الصناعة الحيوية والعمال، لكن الحكومة ترى أن التكلفة باهظة وتفضل التركيز على جذب استثمارات الشركة في المشاريع المستقبلية مثل الصلب الأخضر.
تصاعد الجدل في فرنسا حول إمكانية تأميم مجموعة ArcelorMittal العملاقة في صناعة الصلب، بعد أن أعلنت الشركة مؤخراً عن خطط لإلغاء أكثر من 600 وظيفة في البلاد. تدعو أحزاب اليسار والنقابات العمالية الدولة إلى التدخل لحماية العمال وقطاع الصلب الاستراتيجي.
لكن الرئيس إيمانويل ماكرون رفض بشكل قاطع فكرة التأميم. عند سؤاله من قبل الأمينة العامة لنقابة CGT، صوفي بينيه، حول تأميم ArcelorMittal، قال الرئيس إن ذلك سيكلف "مليارات اليوروهات" وسيكون "كذباً على الناس بالقول إن التأميم هو العلاج". أكد ماكرون أن الحل ليس التأميم، بل الحصول على "ضمانات للتطوير"، واعداً بـ "إنقاذ" مواقع الشركة في فوس-سير-مير ودنكيرك، اللذين سيتأثران بنصف خطة إلغاء الوظائف.
موقف ماكرون ليس مفاجئاً، حيث يكرر وزير الصناعة مارك فيراتشي منذ أسبوعين أن الدولة لن تتدخل في هذا الملف. ومع ذلك، يحظى اقتراح تأميم المواقع الفرنسية لـ ArcelorMittal بدعم أحزاب اليسار، وبعض النقابات، ومسؤولين محليين من تيارات سياسية مختلفة، وحتى وزير الاقتصاد السابق برونو لومير، الذي كان قد اقترح سابقاً تأميماً "مؤقتاً" كـ "ملاذ أخير".
تطالب أحزاب اليسار، بما في ذلك كتلة "فرنسا الأبية" (LFI) في الجمعية الوطنية، بذهاب أبعد من ذلك، وتطلب تدخل الدولة في شكل تأميم مؤقت أو دائم لثاني أكبر منتج للصلب في العالم، والذي يمتلك سبعة مصانع في فرنسا. النائبة أوريلي تروفي، التي قدمت مشروع قانون للتأميم، تجادل بأن التأميم ممكن دستورياً لأنه يتعلق بـ "أصل استراتيجي في خطر" ولا توجد "حلول أخرى ممكنة".
تؤيد نقابة CGT أيضاً هذا الإجراء للحفاظ على وظائف 15 ألف موظف في المجموعة بفرنسا، وحماية "سيادة" فرنسا في إنتاج الصلب، وهو سلعة أساسية للصناعة. تخشى النقابة أن تتخلى المجموعة اللوكسمبورغية، التي يسيطر عليها رجل الأعمال الهندي لاكشمي ميتال، عن مواقعها في فرنسا التي تعتبر أقل ربحية من مواقع أخرى، خاصة في الهند والبرازيل. ترى النقابة أن خطة إلغاء أكثر من 600 وظيفة هي "نزيف أول" ضمن استراتيجية ميتال للانسحاب من أوروبا.
من جانبها، تؤكد المجموعة رغبتها في استعادة تنافسيتها في سياق "أزمة الصلب في أوروبا" لتبرير خطتها، وتستند إلى المنافسة الصينية، وارتفاع أسعار الطاقة منذ الصراع في أوكرانيا، وتكاليف نظام تداول الانبعاثات. لا أحد ينكر هذا السياق، لكن المنتقدين يشيرون إلى نقص الاستثمار والصحة المالية الجيدة للمجموعة، التي حققت أرباحاً صافية بلغت 718 مليون يورو في الربع الأول من عام 2025.
أظهرت أمثلة حديثة في أوروبا إمكانية تدخل الدولة. في عام 2024، وضعت الحكومة الإيطالية مصنع ArcelorMittal في تارانتو تحت الإدارة. وفي منتصف أبريل، تبنى البرلمان البريطاني قانوناً عاجلاً لدعم مصنعين للصلب مهددين بالإغلاق، مما أدى إلى وقف خطة تسريح العمال في British Steel. تعتبر النقابات أن هذه الأمثلة الأوروبية دليل على أن إنقاذ الصناعة هو مسألة "إرادة سياسية".
لكن لا يوجد إجماع حول التأميم داخل الطبقة السياسية، خاصة في الوسط واليمين، ولا حتى بين جميع النقابات في ArcelorMittal. ترى نقابة CFE-CGC أن التأميم "ليس الحل الصحيح" وتدعو إلى الاستثمار في أدوات جديدة تقلل الانبعاثات. أما نقابة CFDT، فتفضل أولاً أن "تتحمل الشركة مسؤولياتها وتشرح استراتيجيتها".
تعتبر الحكومة أن الأولوية هي إعادة إطلاق مشروع استثماري كبير لإنتاج الصلب الأخضر في دنكيرك، والذي توقف في نهاية 2024. تقدر تكلفة المشروع بـ 1.8 مليار يورو، منها أكثر من 800 مليون دعم من الدولة. وبينما تستمر المفاوضات مع المفوضية الأوروبية، ترى الحكومة أن إعادة هذا المشروع أهم من التأميم، وتسعى لإقناع ArcelorMittal بالاستثمار في تحديث مواقعها في فرنسا وخاصة في إزالة الكربون.