
في كلمات قليلة
صوت البرلمان الفرنسي على رفض مشروع قانون زراعي تقدمت به الأغلبية في خطوة تكتيكية نادرة. الهدف من هذه المناورة هو تجاوز عرقلة المعارضة وإرسال النص بسرعة إلى لجنة برلمانية مشتركة لإقراره النهائي، وسط جدل حول بنود تتعلق بالمبيدات.
في مشهد نادر بتاريخ البرلمان الفرنسي، صوتت الجمعية الوطنية يوم الاثنين لصالح رفض اقتراح قانون زراعي كانت الأغلبية تدافع عنه. هذه الخطوة، التي وصفت بأنها "مناورة غير مسبوقة"، جاءت بدعم من تحالف مؤيدي الرئيس ماكرون وحزب الجمهوريين اليميني، بالإضافة إلى حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.
وافق 274 نائباً على "اقتراح الرفض" (motion de rejet)، بينما عارضه 121. يهدف مشروع القانون الأصلي إلى تخفيف القيود على ممارسة مهنة الزراعة، وكان قد أقره مجلس الشيوخ قبل أسابيع.
ومع ذلك، واجه القانون انتقادات حادة من الأحزاب اليسارية، وحتى من جزء من مؤيدي ماكرون. يعود سبب الانتقاد بشكل أساسي إلى أنه يفتح الباب أمام إمكانية إعادة إدخال بعض المبيدات الحشرية المثيرة للجدل بموجب استثناءات، كما يعيد النظر في عمل الوكالة الوطنية للسلامة الصحية للأغذية (Anses) بشأن تقييم المنتجات النباتية.
اعتبرت قوى اليسار، وخاصة البيئيين وحزب "فرنسا الأبية"، أن القانون يشكل "فضيحة صحية"، ولجأت إلى عرقلة مناقشته بتقديم أكثر من 2500 تعديل على نصه. هذه العرقلة البرلمانية هي التي دفعت الأغلبية إلى اتخاذ خطوة رفض نصها الخاص.
الهدف من هذه المناورة ليس التخلي عن القانون، بل تجاوز المماطلة من قبل المعارضة اليسارية. من خلال رفض النص في الجمعية الوطنية، يتم إرساله فوراً إلى لجنة برلمانية مشتركة تضم سبعة نواب وسبعة شيوخ لمناقشته وإقراره بسرعة، بعيداً عن النقاشات العامة المعطلة في الجمعية الوطنية.
كانت المناقشات في الجمعية الوطنية قبل التصويت على اقتراح الرفض قصيرة ومتوترة. اتهم النائب جوليان دايف من حزب الجمهوريين، والذي كان مقرراً للقانون، اليسار بـ"استراتيجية عرقلة متعمدة ومنهجية" لـ"خنق النص" و"تخريب النقاش". وزيرة الزراعة هاجمت أيضاً اليسار قائلة إنهم حولوا "حق التعديل إلى حق في التعطيل". ردت نائبة من "فرنسا الأبية" بمقارنة اقتراح الرفض باستخدام الحكومة للمادة 49-3 من الدستور، التي تسمح بتمرير قانون دون تصويت.
عبر نواب اليسار عن غضبهم، واصفين ما حدث بأنه "سابقة ديمقراطية خطيرة للغاية". كما لم يستبعدوا تقديم اقتراح لسحب الثقة من الحكومة. رفع بعض النواب اليساريين لافتات تحمل أسماء مرضى مصابين بأورام، قائلين إن الحكومة تمرر قانوناً يعيد ترخيص منتجات تسبب الأمراض. قالت رئيسة الكتلة البيئية إنهم لا يريدون هذا النقاش لأنهم لا يريدون استخدام كلمة "سرطان".
وكانت رئيسة الجمعية الوطنية قد حاولت التوصل إلى اتفاق مع قادة الكتل البرلمانية لجدولة زمن محدد لمناقشة القانون لتجنب العرقلة، لكن المفاوضات فشلت بسبب رفض اليسار سحب عدد كبير من تعديلاتهم.
وبذلك، نفذت الأغلبية، بدعم من التجمع الوطني، استراتيجيتها. برر مؤيدو هذه الخطوة بأنها ضرورية لتقدم النص الذي تأخر عن الجدول الزمني المناسب للمزارعين الذين يحتاجون للوصول إلى بعض المنتجات.
الآن، يقع على عاتق الحكومة تحديد موعد للجنة البرلمانية المشتركة. إذا توصلت اللجنة إلى اتفاق حول النص، سيعود للتصويت النهائي في الجمعية الوطنية ثم في مجلس الشيوخ.