
في كلمات قليلة
طبيبة نفسية تكشف عن خمسة اعتقادات خاطئة وراسخة حول مرض الاكتئاب، مؤكدة على ضرورة فهم طبيعته المعقدة لتشجيع المصابين على العلاج.
على الرغم من تزايد الوعي، لا يزال الاكتئاب مرضاً يُساء فهمه، وتحيط به العديد من الأفكار النمطية. في محاولة لمكافحة هذه المفاهيم الخاطئة، قامت الدكتورة سيسيل فيلتان، وهي طبيبة نفسية متخصصة، بتسليط الضوء على خمس خرافات «هي الأكثر رسوخاً» حول هذا المرض، والتي تمنع الكثيرين من التحدث عن حالتهم وطلب الدعم المتخصص.
الخرافة الأولى: الشخص المكتئب يبكي طوال الوقت
عندما يفكر البعض في شخص مكتئب، فإن الصورة النمطية التي تتبادر إلى الذهن هي شخص منزوي يذرف الدموع باستمرار. لكن الدكتورة فيلتان تؤكد: «يمكن أن يكون الشخص مصاباً بالاكتئاب دون أن يذرف دمعة واحدة». بدلاً من البكاء، قد تتسلل مشاعر أخرى مثل «الفراغ، اللامبالاة، التبلد، أو التباطؤ النفسي». وتشدد الطبيبة على أن «الاكتئاب لا يُقاس بالشدة الظاهرة للعواطف».
الخرافة الثانية: إذا كنت قادراً على الذهاب إلى العمل، فأنت لست مكتئباً حقاً
هذا أحد أكثر الأحكام المسبقة خبثاً، والذي يولد شعوراً بالذنب لدى المرضى. يُعتقد أن مجرد القدرة على «العمل» يكفي لاستبعاد اضطراب الاكتئاب. لكن الدكتورة فيلتان تشرح أن العديد من المصابين بالاكتئاب يواصلون أداء مهامهم بشكل «تلقائي»، ويدفعون ثمناً باهظاً لاضطرابهم. وتضيف: «الاكتئاب يستنزف ويُنهك ويعزل. وفي بعض الأحيان، يكون العمل هو «الملاذ» الذي يمنع الانهيار التام».
الخرافة الثالثة: يجب أن تكون قد مررت بشيء خطير لتصاب بالاكتئاب
هذه الخرافة تمنح شعوراً زائفاً بالأمان. لكن الطبيبة النفسية تصر على أن هذا غير صحيح. «الاكتئاب ليس مجرد رد فعل على “محنة صعبة”»، بل هو اضطراب معقد تتدخل فيه عوامل بيولوجية، وجينية، ونقاط ضعف شخصية، وأحداث الحياة، وأشياء أخرى كثيرة. وأحياناً، يحدث الانهيار دون سبب خارجي واضح، وهذا ما يجعله مرضاً محيراً للغاية.
الخرافة الرابعة: إنه مرض يصيب البالغين فقط
هناك اعتقاد راسخ بأن الأطفال والمراهقين بمنأى عن هذا المرض. لكن الدكتورة فيلتان، وهي أيضاً طبيبة نفسية للأطفال، تنفي ذلك بشدة: «للأسف، الاكتئاب لا ينتظر سن الرشد ليظهر». وتوضح أن علامات الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين قد تكون مختلفة، وتشمل: «التهيج، الانسحاب، العزلة، اضطرابات السلوك، وسرعة الغضب». وتؤكد أن التشخيص المبكر أمر بالغ الأهمية، لأنه «يمنحهم فرصة حقيقية للتحسن».
الخرافة الخامسة: إنه مجرد نقص في قوة الإرادة
تعتبر الدكتورة فيلتان هذه الخرافة الأكثر ضرراً على الإطلاق، وهي الأكثر شيوعاً: فكرة أن المصابين بالاكتئاب يفتقرون إلى قوة الإرادة، وأنهم بحاجة فقط إلى «التحرك» و«عدم الاستسلام». وتوضح الطبيبة أن «الاكتئاب مرض يؤثر على المزاج، والطاقة، والتحفيز، والتفكير، والجسد». وتختتم قائلة: «إن قول “تحرك” لشخص مصاب بالاكتئاب هو مثل قول “تنفس بشكل أفضل” لشخص يعاني من نوبة ربو. هذا لا يجدي نفعاً، بل يزيد من الشعور بالذنب».
الاكتئاب ليس مجرد «حالة مزاجية سيئة» عابرة. يتطلب تشخيصه لدى البالغين ملاحظة حالة من الحزن أو فقدان الاهتمام تستمر لأكثر من أسبوعين، مصحوبة بأربعة أعراض أخرى على الأقل، مثل: التباطؤ الحركي أو الهياج، اضطرابات التركيز والذاكرة، اضطرابات النوم أو الشهية، التعب، المعتقدات السلبية (الشعور بالذنب، التشاؤم)، والأفكار الانتحارية. إذا كنت في هذا الوضع، فمن الضروري التحدث إلى المقربين الموثوق بهم، ثم استشارة أخصائي صحي.