بعد 42 عاماً: إطلاق سراح جورج عبد الله المشروط يكشف عن مفارقات القضاء الفرنسي

بعد 42 عاماً: إطلاق سراح جورج عبد الله المشروط يكشف عن مفارقات القضاء الفرنسي

في كلمات قليلة

قرر القضاء الفرنسي إطلاق سراح جورج إبراهيم عبد الله بشكل مشروط بعد 42 عامًا من السجن. يسلط التحليل الضوء على أن كلاً من إدانته الأولية بالسجن المؤبد وقرار إطلاق سراحه الأخير كانا قرارين قضائيين مستقلين، صدرا على عكس الرغبات السياسية، وأن تحويله إلى رمز سياسي من قبل أنصاره ربما يكون قد أطال مدة اعتقاله.


بعد ما يقرب من 42 عامًا في السجن، صدر قرار بإطلاق السراح المشروط لجورج إبراهيم عبد الله، بشرط مغادرته الأراضي الفرنسية بشكل دائم. ويُعتبر عبد الله، الذي أدين في 28 فبراير 1987 من قبل محكمة الجنايات الخاصة في باريس، أحد أقدم السجناء في فرنسا.

أدين عبد الله بتهمة المشاركة المباشرة في اغتيال دبلوماسيين، هما الإسرائيلي ياكوف بارسيمنتوف والأمريكي تشارلز راي. في ذلك الوقت، صدر الحكم بالسجن المؤبد، على الرغم من أن النيابة العامة، التي كانت تعكس رغبات السلطة السياسية آنذاك، طالبت بعقوبة مخففة لا تتجاوز عشر سنوات. كانت الحكومة الفرنسية، بقيادة وزير الداخلية آنذاك شارل باسكوا، تسعى لتجنب حكم قاسٍ لأسباب تتعلق بالسياسة الخارجية، ورغبتها في عدم الانحياز بشكل كامل لإسرائيل في الصراع، بالإضافة إلى محاولة منع تحول الأراضي الفرنسية إلى ساحة معارك للجماعات المسلحة.

ومع ذلك، اتخذت المحكمة قرارًا قضائيًا حازمًا، بعيدًا عن التأثيرات السياسية، وأصدرت حكمًا بالمؤبد، وهو ما يُظهر استقلالية القضاء في تلك القضية. وبالتالي، فإن الفكرة الشائعة بأن احتجازه كان قرارًا سياسيًا هي فكرة خاطئة؛ فقد كان قرار الإدانة قضائيًا بحتًا، وصدر ضد رغبة السلطة السياسية.

وفيما يتعلق بقرار إطلاق سراحه الأخير، فإن الأمر لا يختلف كثيرًا. فعلى الرغم من أن إطلاق السراح المشروط بعد هذه المدة الطويلة لا يعتبر استثنائيًا من منظور قانون تنفيذ العقوبات الفرنسي، إلا أن ما أخّر هذا القرار لسنوات طويلة هو تحويل عبد الله إلى "رمز" للاعتقال السياسي من قبل لجان الدعم المؤيدة له.

وقد أشار قضاة محكمة الاستئناف في قرارهم إلى أن هذا "الترميز" أثار لديهم "تساؤلات"، وربما "مخاوف". فإطلاق سراح قاتل مُدان بعد 42 عامًا هو أمر معتاد قضائيًا، لكن إطلاق سراح شخص تم تحويله إلى "بطل" لقضية لم يبدِ أي ندم بشأنها يصبح أكثر تعقيدًا من الناحية القانونية.

لهذا السبب، فإن قرار إطلاق السراح المشروط جاء على الرغم من الرسائل السياسية التي روجت لها لجان الدعم، وليس بفضلها. ومن المفارقات أن الجهود التي بُذلت لتصوير قضيته على أنها سياسية قد تكون هي السبب الرئيسي في إطالة أمد سجنه، حيث وضع ذلك القضاة في موقف حرج. ويظل من المثير للجدل أن يتم الآن تقديم هذا القرار القضائي المتأخر على أنه انتصار إيديولوجي، في حين أن الحقائق التاريخية والقضائية تشير إلى مسار مختلف تمامًا.

نبذة عن المؤلف

ماريا - صحفية في قسم الثقافة، تغطي الأحداث في عالم الفن والترفيه في فرنسا. تجد مقالاتها عن هوليوود، برودواي، والمشهد الموسيقي الأمريكي صدى لدى القراء.