خبيرة تشرح: كيف يتآكل المشهد السياسي الأوروبي تحت وطأة صعود اليمين الشعبوي

خبيرة تشرح: كيف يتآكل المشهد السياسي الأوروبي تحت وطأة صعود اليمين الشعبوي

في كلمات قليلة

تقدم المحللة السياسية كاثرين فيشي رؤية شاملة لصعود اليمين الشعبوي في أوروبا، معتبرة إياه القوة المحركة الرئيسية في السياسة القارية اليوم. تستعرض فيشي إرث جان-ماري لوبان وتأثيره، والانقسامات داخل الحركة الشعبوية، والفرق بين شخصيات مثل لوبان وميلوني، محذرة من أن هذه الظاهرة، رغم اختلافاتها، تقوض أسس الديمقراطية الليبرالية في جميع أنحاء أوروبا.


في مقابلة تحليلية معمقة، تستعرض الخبيرة السياسية الفرنسية البريطانية كاثرين فيشي، وهي من أبرز المتخصصين في دراسات الشعبوية في أوروبا، التحولات الجذرية التي يشهدها المشهد السياسي الأوروبي. تشير فيشي إلى أن الأحداث الأخيرة، من فوز مرشح حزب القانون والعدالة المقرب من ترامب في بولندا إلى صعود حزب "تشيغا" في البرتغال، تؤكد أن اليمين الشعبوي لم يعد ظاهرة هامشية، بل قوة رئيسية تعيد تشكيل السياسة في القارة.

توضح فيشي أن فهم هذه الظاهرة يتطلب العودة إلى جذورها، وتحديداً إلى شخصية جان-ماري لوبان والجبهة الوطنية في فرنسا. كان لوبان رائداً في كسر المحرمات السياسية، خاصة فيما يتعلق بمعاداة السامية والهجرة، وأثبت أن الخطاب الصدامي و"الفضائح" المدروسة يمكن أن تكون أداة فعالة لجذب انتباه الإعلام والناخبين الذين لا يجدون أنفسهم في الخطابات التقليدية. لقد أرسى لوبان مبدأ "قول ما يفكر به الجميع سراً بصوت عالٍ"، وهو نهج تبناه لاحقاً سياسيون مثل يورغ هايدر في النمسا، وخيرت فيلدرز في هولندا.

وتضيف فيشي أن لوبان أدرك مبكراً أهمية استغلال مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي كان يحتقرها. فمن خلال الفوز في الانتخابات الأوروبية، اكتسب شرعية وكون تحالفات مع أحزاب قومية أخرى، وهو تكتيك يمارسه اليوم فيكتور أوربان في المجر، الذي يعمل على "تغيير أوروبا من الداخل".

لكن إرث لوبان انقسم بين نهج الأب والابنة. فبينما حافظ البعض، مثل أوربان، على خطاب قريب من لوبان الأب، تبنت ابنته مارين لوبان استراتيجية "نزع الشيطنة" عن الحزب، محولة تركيزه من اليمين المتطرف التقليدي إلى خطاب شعبوي يركز على حماية "الشعب الحقيقي" من "النخب المنفصلة عن الواقع". هذا التحول نحو الحمائية الاقتصادية والاجتماعية جذب ناخبين من الطبقات العاملة التي كانت تصوت لليسار سابقاً، وأثر على أحزاب أخرى في أوروبا مثل ديمقراطيي السويد وحزب الشعب الدنماركي.

وتشير فيشي إلى وجود انقسام اقتصادي داخل اليمين الشعبوي الأوروبي. فبينما تدعو أحزاب مثل التجمع الوطني الفرنسي إلى دولة حامية وتشكك في التجارة الحرة، تدافع أحزاب أخرى عن خفض الضرائب وتقليص دور الدولة. هذا الانقسام يمنع حتى الآن تشكيل "أممية شعبوية" موحدة، ويؤدي إلى تحالفات غير مستقرة في البرلمان الأوروبي.

وفي مقارنتها بين جان-ماري لوبان وجورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، تؤكد فيشي وجود اختلافات جوهرية. فلوبان كان دائماً شخصية "من خارج النظام"، بينما ميلوني هي "من داخل النظام" بامتياز، حيث شغلت مناصب سياسية مختلفة قبل وصولها إلى السلطة. ميلوني، على عكس لوبان، لا تحتقر المؤسسات وتسعى للعمل من خلالها، كما أنها تتبنى نهجاً براغماتياً في السلطة، مما جعلها حليفاً مقبولاً لليمين الأوروبي التقليدي.

أما عن علاقة اليمين الشعبوي بـ "الترامبية"، فترى فيشي أنها تجاوزت العداء التقليدي لأمريكا لتتحول إلى إعجاب بـ "الأسلوب". إن قدرة ترامب على تحدي قواعد الديمقراطية تسعد الشعبويين الأوروبيين، حتى لو لم يتفقوا مع برنامجه بالكامل. ويتشاركون معه في هدف زعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي وكراهية ما يصفونه بـ "مؤامرة الووك".

وتختتم فيشي تحليلها بالإشارة إلى أن الشعبوية، سواء كانت يمينية أو يسارية، تشترك في فكرة أساسية: وجود نخبة غير شرعية تخون سيادة الشعب. لكنها تختلف في تحديد هذه النخبة وفي موقفها من قضايا مثل الهجرة. ومع ذلك، تحذر فيشي من أنه "لا يوجد شعبوية جيدة"، فكلاهما يؤدي إلى مجتمع قمعي وغير ليبرالي من خلال الاستقطاب وتبسيط القضايا وتحدي المؤسسات الديمقراطية.

نبذة عن المؤلف

أندريه - صحفي رياضي، يغطي الرياضات الأمريكية. تتيح تقاريره عن مباريات NBA وNFL وMLB للقراء الغوص في عالم الرياضة الأمريكية المثير.