
في كلمات قليلة
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يستخدم وسائل الإعلام بنشاط للتحكم في الأجندة، لكن المحللين يرون أن هذه الظهورات تكشف عن محدودياته السياسية. مع تزايد الحديث عن خلفائه لعام 2027، يواجه ماكرون تحديات تطرح تساؤلات حول فعالية استراتيجيته الحالية.
يتابع المحللون عن كثب النشاط الإعلامي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ففي الوقت الذي يبدو فيه هذا النشاط محاولة لإظهار القوة والتحكم، يرى البعض أنه يكشف عن محدودية معينة وعلامات ضعف سياسي.
يشير الخبراء إلى أن الرئيس، حتى عند الإعلان عن مبادرات مهمة، يبدو في كثير من الأحيان "مُعاقاً" أو مقيداً في تصرفاته، وأن مقترحاته غالباً ما تكون مجرد ردود على أسئلة واستفسارات، وليست خطوات مستقلة.
في هذا السياق، قام الأكاديمي بنجامين موريل، المتخصص في القانون العام، بتحليل مقابلة تلفزيونية حديثة لماكرون (في 13 أبريل)، مشيراً إلى تردده في العديد من القضايا وعدم رغبته في استشارة الشعب مباشرة خوفاً من إضعاف موقفه السياسي.
يؤكد موريل، وهو دستوري، على وجود مفارقة مثيرة للاهتمام؛ فعلى الرغم من أن البعض يعتبر رئيس فرنسا من بين أقوى رؤساء الدول في العالم الغربي، إلا أن ماكرون نفسه لا يبدو متفقاً تماماً مع هذا الرأي، ويعترف بأن العديد من القضايا الهامة تقع خارج نطاق صلاحيات رئيس الدولة المباشرة.
تأتي هذه التحليلات الإعلامية لنشاط ماكرون وسط تزايد النقاش حول المستقبل السياسي لفرنسا والصراع على النفوذ قبيل الانتخابات الرئاسية لعام 2027. غالباً ما يوصف هذا الوقت بأنه فترة يبدأ فيها المقربون من الزعيم الحالي بالتحضير لما يُعرف سياسياً بـ"قتل الأب" – وهي استعارة سياسية تشير إلى تجاوز تأثير الزعيم الحالي وبدء اللعب المستقل من أجل السلطة.
في خضم هذه العمليات، يحاول الرئيس ماكرون تعزيز موقفه، بما في ذلك من خلال وسائل الإعلام، وأحياناً يطرح مواضيع مثل إمكانية إجراء استفتاءات حول قضايا مختلفة. ومع ذلك، كما يلاحظ الخبراء القانونيون، فإن الأطر الدستورية لإجراء الاستفتاءات في فرنسا صارمة للغاية، مما يجعل استخدام هذه الأداة صعباً، لا سيما في السياق السياسي الحالي.
على الرغم من الظهور الإعلامي المكثف والمشاركة في صيغ تواصل متنوعة (بما في ذلك التفاعل مع شخصيات إعلامية شهيرة)، يشكك المحللون في قدرة ماكرون على تحديد مسار واضح للبلاد خلال العامين المتبقيين من ولايته الثانية. استراتيجيته الإعلامية، التي تهدف إلى أن تكون "اختراقية" (على سبيل المثال، عبر وسائل التواصل الاجتماعي)، تبدو أحياناً محاولة لتقليد سابقيه، بما في ذلك شارل ديغول الذي استخدم الاستفتاءات بنشاط.
وهكذا، فإن النشاط الإعلامي الحالي لإيمانويل ماكرون يمثل لعبة معقدة، حيث تتداخل محاولات السيطرة على الأجندة مع ظهور القيود السياسية وبداية الصراع من أجل القيادة المستقبلية في فرنسا بعد عام 2027.