تصاعد العنف ضد المسؤولين المنتخبين في فرنسا: تقرير يكشف أسباب استقالات رؤساء البلديات

تصاعد العنف ضد المسؤولين المنتخبين في فرنسا: تقرير يكشف أسباب استقالات رؤساء البلديات

في كلمات قليلة

نشرت وزارة الداخلية الفرنسية بيانات عن العنف ضد المسؤولين المنتخبين في ظل تزايد استقالات رؤساء البلديات. تظهر دراسة أن العنف هو أحد الأسباب، لكنه ليس الوحيد، ويؤثر بشكل أكبر على قرار عدم الترشح مجدداً.


كشفت وزارة الداخلية الفرنسية عن أرقام جديدة حول أعمال العنف التي يتعرض لها المسؤولون المنتخبون، في وقت تشهد فيه فرنسا تزايداً مقلقاً في عدد استقالات رؤساء البلديات خلال السنوات الأخيرة. يطرح هذا الوضع تساؤلاً جوهرياً: هل هناك علاقة بين الظاهرتين؟

يشير تحليل إحصائي أجراه المركز الفرنسي لتحليل ومكافحة الاعتداءات على المسؤولين المنتخبين (Calae)، والذي كشف عنه فرانسوا-نويل بوفيه، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، إلى تسجيل عدد كبير من الحوادث في عام 2024، شملت اعتداءات جسدية وإهانات.

تستحضر هذه الأرقام فوراً حالة رئيس بلدية سان-بريفان في لوار أتلانتيك، الذي استقال تحت وطأة التهديدات والترهيب من قبل اليمين المتطرف المعارض لنقل مركز استقبال طالبي اللجوء.

وجه سؤال مباشر للوزير بوفيه حول ما إذا كانت أعمال العنف ضد المسؤولين المنتخبين تفسر ارتفاع وتيرة استقالات رؤساء البلديات، لكن الوزير لم يقدم إجابة حاسمة. صرح قائلاً: «لقد لاحظنا على مدى عدة سنوات عدداً معيناً من استقالات رؤساء البلديات أو المستشارين البلديين الذين يتخلون عن مهامهم بسبب الصعوبات. بعد ذلك، لا نعرف على وجه الدقة الأسباب أو الدوافع وراء رحيلهم».

مع ذلك، قدمت دراسة حديثة أجراها مركز الأبحاث السياسية Cevipof بالشراكة مع جمعية رؤساء البلديات الفرنسيين (AMF)، ونشرت في نوفمبر 2023، مؤشرات هامة حول أسباب استقالات رؤساء البلديات. شملت الدراسة استطلاع رأي لحوالي 6000 مسؤول منتخب، يمثلون عينة من أكثر من 30 ألف رئيس بلدية في البلاد.

وضعت الدراسة العنف والشعور بعدم الأمان في المرتبة الرابعة فقط بين الأسباب التي تدفع إلى ترك المنصب، حيث مثل هذا العامل 10.7% من أسباب الرحيل. جاءت الأسباب الأخرى في مراتب متقدمة، وهي: المطالب المبالغ فيها من المواطنين (13.6%)، العلاقات المتزايدة التعقيد مع خدمات الدولة (12.3%)، وصعوبات التوفيق بين مهمة رئيس البلدية والحياة الشخصية (11.7%).

يأتي الشعور بعدم الأمان قبل صعوبة التوفيق بين المهمة وهذه المرة مع الحياة المهنية (10.1%) بفارق ضئيل، حيث يضطر بعض رؤساء البلديات غير المتقاعدين إلى تعليق حياتهم المهنية، وهو ما قد يكون معقداً في بعض القطاعات، مثل الأطباء الذين قد يخاطرون بفقدان مرضاهم. تجدر الإشارة إلى أن جميع هذه الأسباب متقاربة جداً في نسبتها، ولا يطغى أي منها بشكل كبير على الآخرين.

من جهة أخرى، لا يستقيل بالضرورة جميع المسؤولين المنتخبين الذين يتعرضون لاعتداءات أو إهانات. فمثلاً، رئيس بلدية لاي-لي-روز، الذي تعرض منزله لهجوم، ازداد انخراطه في النشاط السياسي منذ ذلك الحين وانتخب نائباً في الجمعية الوطنية عن دائرة فال-دو-مارن في يوليو 2024، بعد حل البرلمان.

إذا كان العنف لا يدفع بالضرورة رؤساء البلديات إلى ترك مناصبهم في منتصف ولايتهم، فإنه قد يثبط عزيمتهم عن الترشح لولاية ثانية (أو ثالثة، أو رابعة). كشفت دراسة أخرى لمركز Cevipof أن 60% من رؤساء البلديات لا يرغبون في الترشح للانتخابات البلدية القادمة في عام 2026 أو ما زالوا مترددين. يعتبر الشعور بعدم الأمان السبب الثاني الذي يذكرونه لتفسير خيارهم أو ترددهم، حيث تحدث عنه 19 من كل 100 مسؤول منتخب.

يأتي الشعور بعدم الأمان في المرتبة الثانية، متقارباً مع شعور مختلف تماماً. فقد ذكر عشرون رئيس بلدية، غير متأكدين من إعادة ترشحهم، أنهم يعتقدون أنهم حققوا أهدافهم خلال هذه الولاية. في المقابل، قال 17 من كل 100 إنهم يفتقرون إلى الموارد المالية أو الضريبية اللازمة لتحقيق ما خططوا له. وعزا خمسة عشر شخصاً السبب إلى عمرهم أو إلى المطالب المبالغ فيها من المواطنين.

نبذة عن المؤلف

سيرجي - محلل اقتصادي، يحلل الأسواق المالية في فرنسا والاتجاهات الاقتصادية العالمية. تساعد مقالاته القراء على فهم العمليات الاقتصادية المعقدة.