
في كلمات قليلة
على الرغم من تحقيقه أداءً مالياً تاريخياً، يجد رئيس 'كلوب ميد'، هنري جيسكار ديستان، نفسه في موقف ضعيف أمام المالك الصيني، مجموعة 'فوسون'. تسعى المجموعة الصينية لفرض سيطرة كاملة على الشركة الفرنسية الشهيرة، مما يشعل صراعاً على السلطة يهدد مستقبل العلامة التجارية. القصة تكشف عن تصادم ثقافات الأعمال وتغير موازين القوى في الاقتصاد العالمي.
تبدو كنصر بطعم الرماد. انتصار مشوب بالقلق، غير مكتمل، وعابر. يجد هنري جيسكار ديستان، رئيس شركة \"كلوب ميد\"، نفسه في موقف متناقض: ففي الوقت الذي كان يجب أن يحتفل فيه بعام 2024 باعتباره عام انتصاره، حيث أثبتت استراتيجيته التي دافع عنها لأكثر من 20 عاماً نجاحها، يبدو مستقبله على المحك.
الأرقام تتحدث عن نفسها: إيرادات قياسية، أرباح صافية مرتفعة، وديون منخفضة. لقد نجح جيسكار ديستان في تحويل \"كلوب ميد\" من منتجعات بسيطة إلى علامة تجارية فاخرة تجذب العملاء الأثرياء، محققاً هامش ربح تاريخي بلغ 9.5% في عام 2023. كان هذا دليلاً على رؤيته الثاقبة، لكنه لم يكن كافياً لتأمين منصبه.
المشكلة تكمن في أن \"كلوب ميد ليست شركته\"، كما يذكر أحد المطلعين. السلطة النهائية في يد المساهم الأكبر، ومنذ عقد من الزمان، هذه السلطة تتركز في يد مجموعة \"فوسون\"، وهي تكتل صيني ضخم أسسه غوه غوانغتشانغ. ولطالما كانت \"فوسون\" داعماً مخلصاً وسخياً، حيث استثمرت ما يقرب من 800 مليون يورو في الشركة على مدى 10 سنوات، وتركت لجيسكار ديستان وفريقه حرية الإدارة. لكن الأمور تغيرت.
بدأ التحول في نوفمبر 2022 مع تعيين رئيس جديد لمجموعة \"فوسون للسياحة\"، شو شياوليانغ، الذي لا يمتلك خبرة كبيرة في قطاع السياحة. كانت مهمته واضحة: تطبيق استراتيجية \"الأصول الخفيفة\"، أي تقليص النفقات وتوليد السيولة النقدية. بالنسبة لـ\"كلوب ميد\"، ترجم هذا بتعيين مدير مالي جديد من \"فوسون\"، ليحل محل ميشيل وولفوفسكي، الذراع اليمنى لجيسكار ديستان لعقود.
لم تتوقف \"فوسون\" عند هذا الحد. سعى المساهم الصيني إلى السيطرة على الموارد البشرية والقرارات الرئيسية، واقترح تعديلات على النظام الأساسي للشركة من شأنها أن تمنح مجلس الإدارة صلاحيات مطلقة، مما يهمش دور الرئيس التنفيذي. ومع زيادة عدد ممثلي \"فوسون\" في مجلس الإدارة إلى ستة أعضاء مقابل فرنسيين اثنين فقط، أصبحت أزمة الحوكمة واضحة.
تصاعد التوتر عندما حاول جيسكار ديستان إدخال مساهم فرنسي جديد لـ\"تخفيف الطابع الصيني\" للشركة، وهو ما رفضته \"فوسون\" بشكل قاطع. أدت الأزمة إلى استقالة ميشيل وولفوفسكي والمدير الفرنسي المستقل الوحيد المتبقي، الذي اتهم \"فوسون\" بممارسات تتعارض مع قواعد الحوكمة الأوروبية.
هذا الانقلاب الصامت يعكس تحولات أعمق داخل الصين نفسها. فبعد سنوات من التوسع العالمي الجريء، تواجه \"فوسون\"، مثل العديد من الشركات الصينية، ضغوطاً لخفض ديونها الهائلة والتركيز على السوق المحلية. ارتفعت ديون \"فوسون للسياحة\" من 600 مليون يورو في 2019 إلى 2.6 مليار يورو في 2023، مما جعل \"كلوب ميد\" أصلها الأكثر قيمة الذي لا يمكن التفريط فيه.
في خضم هذه المعركة، توصل الطرفان إلى هدنة مؤقتة بتعيين ثلاثة مديرين عامين جدد اختارهم جيسكار ديستان ولكن بموافقة \"فوسون\". ورغم أن جيسكار ديستان لا يزال في منصبه، إلا أن الأزمة تركت آثاراً عميقة. لقد شعر بـ\"ريح الطلقة\"، ويدرك أن مستقبله يعتمد على توازن قوى هش، حيث يظل اسم \"جيسكار ديستان\"، ابن رئيس فرنسا الأسبق، ذا وزن في الصين، ولكن ربما ليس لوقت طويل.