
في كلمات قليلة
الضرائب المرتفعة على الميراث في فرنسا تجبر الشركات العائلية على بيع أصولها للمستثمرين الأجانب، وخاصة من الولايات المتحدة والصين، مما يضعف السيادة الاقتصادية للبلاد. ورغم أن "ميثاق دوتروي" قد خفف من المشكلة، إلا أنه يواجه الآن تحديات سياسية قد تلغيه.
في فرنسا، يبدو أن السياسات الضريبية المفروضة على الميراث، والتي تم تبنيها باسم العدالة الاجتماعية، تأتي بنتائج عكسية تهدد السيادة الاقتصادية للبلاد. منذ عام 1981، أدت الضرائب المرتفعة على توريث الشركات العائلية إلى تسريع استحواذ الكيانات المالية الأجنبية على الاقتصاد الفرنسي.
المشكلة تكمن في أن العديد من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة يجدون أنفسهم مضطرين لبيع شركاتهم لدفع ضرائب الإرث. وفي حال لم يبيعوها، فإنهم يضطرون إلى سحب أرباح كبيرة من شركاتهم لتسديد المستحقات الضريبية، مما يفقدهم القدرة على الاستثمار والتطوير. هذا الوضع يضعهم في موقف تنافسي ضعيف أمام منافسيهم الأجانب الذين لا يعانون من مثل هذه الأعباء الضريبية.
ونتيجة لذلك، تراجعت عمليات نقل الشركات داخل العائلات، مما فتح المجال أمام مشترين أقل ارتباطًا بالاقتصاد المحلي، مثل الشركات متعددة الجنسيات وصناديق الاستثمار. والمثير للقلق أن هذه الصناديق هي في الغالب أمريكية وصينية، حيث تستحوذ الولايات المتحدة على 50% من الأموال المستثمرة في الشركات غير المدرجة عالميًا، بينما تمثل الصين ما يقرب من 40% من هذا السوق.
حتى الشركات الفرنسية الكبرى التي لم تعد مملوكة لعائلات أصبحت تحت سيطرة أجنبية. فقد صرح إريك ترابييه، الرئيس التنفيذي لشركة داسو للطيران، بأن 70% من هذه الشركات مملوكة لصناديق استثمار أجنبية، معظمها أمريكية.
هذا التشخيص لا يقتصر على المدافعين عن الشركات العائلية فقط. فقد حذر أرنو مونتبورغ، الوزير الاشتراكي السابق، من أن عمليات الميراث في الأرياف الفرنسية غالبًا ما تنتهي ببيع الأراضي التي زرعها الأجداد، لأن الورثة لا يستطيعون تحمل الضرائب المفروضة عليها.
المقارنة مع دول الجوار توضح حجم المشكلة. في عام 2007، تم نقل 9% فقط من الشركات الفرنسية داخل العائلة، بينما بلغت النسبة 55% في ألمانيا وأكثر من 70% في إيطاليا. والسبب هو أن هذه الدول لا تفرض ضرائب على نقل ملكية الشركات بشرط عدم بيعها بعد ذلك، بالإضافة إلى الصورة الإيجابية التي تتمتع بها السلالات الريادية هناك، حيث يُنظر إليها كعناصر أساسية للهوية الإقليمية والازدهار المحلي.
نتيجة لذلك، يظل اقتصاد ألمانيا وإيطاليا إلى حد كبير في أيدي عائلات مرتبطة بأراضيها، مما سمح لشركاتهما بالنمو على مدى أجيال. تمتلك ألمانيا 12,500 شركة متوسطة الحجم (ETI)، وإيطاليا 8,000، بينما لا تمتلك فرنسا سوى 6,000 شركة من هذا النوع، وهي الشركات الأكثر استثمارًا وتوظيفًا وابتكارًا.
تم تقديم "ميثاق دوتروي" في عام 2003 للتخفيف من هذه المشكلة عبر تخفيف الضرائب على نقل الشركات العائلية، مما رفع نسبة انتقالها إلى 22%. ورغم فعاليته، يواجه هذا الميثاق خطر الإلغاء في ظل النقاشات الحالية حول ميزانية 2026، الأمر الذي قد يعيد فرنسا إلى سياسة تضعف الرأسمالية العائلية لصالح الرأسمالية المالية العالمية.