فرنسا في مواجهة تراجعها الزراعي: قانون جديد يثير الجدل حول عودة المبيدات المحظورة

فرنسا في مواجهة تراجعها الزراعي: قانون جديد يثير الجدل حول عودة المبيدات المحظورة

في كلمات قليلة

تواجه الزراعة الفرنسية تدهوراً في قدرتها التنافسية العالمية، مما دفع إلى طرح قانون جديد يهدف لدعم المزارعين. لكن القانون أثار جدلاً واسعاً بسبب مقترح إعادة استخدام مبيد حشري محظور، مما يسلط الضوء على الصراع بين المعايير البيئية ومتطلبات المنافسة داخل الاتحاد الأوروبي.


بعد مرور أكثر من عام على اندلاع غضب المزارعين الذي اجتاح فرنسا في أوائل عام 2024، عادت الجرارات للوقوف أمام الجمعية الوطنية في أواخر مايو. لكن هذه المرة، لم يكن الهدف التعبير عن السخط، بل لدعم قانون "دوبلومب" الجديد، الذي يحمل اسم السناتور والمزارع لوران دوبلومب. يهدف القانون إلى معالجة الأزمة في القطاع الزراعي من خلال "إزالة العوائق التي تحول دون ممارسة مهنة الزراعة"، وتسهيل الاستثمارات الزراعية، خاصة في تخزين المياه، ورفع عتبات تربية المواشي.

لكن نقطة واحدة أثارت جدلاً واسعاً: عودة استخدام الأسيتاميبريد، وهو مبيد حشري من عائلة النيونيكوتينويد. تم حظر هذه المادة في فرنسا عام 2018 لضررها على الحشرات الملقحة، مما أثار استياء مزارعي بنجر السكر والبندق الذين يشتكون من غياب البدائل لمكافحة الآفات مثل حشرات المن. ورغم أن إعادة استخدامه ستكون مؤطرة، إلا أنها قوبلت بمعارضة شديدة، حيث جمعت عريضة ضد القرار أكثر من 1.8 مليون توقيع.

في الواقع، تعكس قضية الأسيتاميبريد صراعاً أوسع داخل الساحة الأوروبية. فبينما حُظرت المادة في فرنسا، لا يزال استخدامها مسموحاً به في 26 دولة عضو أخرى حتى عام 2033. وهذا يسمح بتدفق الواردات الزراعية من الدول التي تستخدم هذا المبيد إلى فرنسا، مما يخلق وضعاً غير منطقي يضر بالقدرة التنافسية الوطنية. في مواجهة "التطبيق المفرط" للوائح الأوروبية من قبل فرنسا، يدعو المزارعون إلى توحيد المعايير.

ومع ذلك، فإن التباين مع أوروبا بشأن الأسيتاميبريد ليس السبب الوحيد لمشاكل الزراعة الفرنسية. يؤكد الخبراء أن القانون الجديد، رغم أنه يحاول إطفاء الحريق، فإنه لا يعالج جذور المشكلة. يقول تييري بوش، رئيس الدراسات الاقتصادية في غرف الزراعة الفرنسية: "جزء كبير من قدرتنا التنافسية مرتبط بالتكيف مع الطلب العالمي، وفوارق تكاليف الإنتاج، وفي قطاعات مثل الفواكه والخضروات، ارتفاع تكاليف العمالة مقارنة بالدول الأخرى."

وتظهر الأرقام هذا التراجع بوضوح. فخلال عشرين عاماً، تراجعت فرنسا من المرتبة الثانية إلى الخامسة عالمياً في تصدير المنتجات الزراعية. وتأتي ثلثا خسائرها في السوق من تآكل قدرتها التنافسية. وتتأثر بعض القطاعات أكثر من غيرها، فقطاع الفواكه والخضروات في تدهور مستمر منذ عام 2010 في مواجهة المنافسة الشرسة من إسبانيا والمغرب. كما عانى قطاع لحوم الدواجن من انخفاض الإنتاج بنسبة 20% منذ عام 2020، رغم زيادة استهلاكها محلياً.

ويعزى جزء من هذا التدهور إلى التحول في الهيكل الزراعي الفرنسي، حيث حلت زراعة الحبوب الواسعة محل نموذج الزراعة المختلطة. بالإضافة إلى ذلك، تواجه التوسعات الزراعية عقبات إدارية كبيرة. ويشير الخبراء إلى أن النموذج الفرنسي القائم على المزارع العائلية ينتج ثروة أقل لكل وحدة مساحة مقارنة بدول شمال أوروبا. وبالتالي، هناك دعوات لإعادة النظر في نموذج الإنتاج ليكون أكثر توجهاً نحو "المؤسسة" بدلاً من "المزرعة" التقليدية، مع التركيز على الابتكار لمواجهة المنافسة الدولية.

نبذة عن المؤلف

باول - محلل دولي، يحلل السياسة الخارجية لفرنسا والعلاقات الدولية. تساعد تعليقاته الخبراء في فهم موقف فرنسا على الساحة العالمية.