
في كلمات قليلة
يرى بيل وينترز، الرئيس التنفيذي لبنك ستاندرد تشارترد، أن أوروبا لديها فرصة فريدة لتعزيز نفوذها الدبلوماسي والسياسي على الساحة العالمية. ويأتي ذلك في ظل تغير خريطة التجارة الدولية وتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، مما يدفع الشركات إلى تنويع استثماراتها خارج الصين.
أعرب بيل وينترز، الرئيس التنفيذي لبنك "ستاندرد تشارترد"، عن تفاؤله بقدرة أوروبا على الخروج فائزة من الاضطرابات العالمية الحالية، مؤكداً أن القارة لديها اليوم "فرصة فريدة" لاستعادة نفوذها الدبلوماسي والسياسي ليتناسب مع قوتها الاقتصادية الهائلة.
وخلال لقاء له، أوضح وينترز أن المشهد التجاري العالمي قد تغير بشكل جذري خلال العقد الماضي. فبعد أن كانت الصين مركز الإنتاج العالمي الأوحد والأرخص، بدأت دول مثل الهند وفيتنام وماليزيا وإندونيسيا وتايلاند في تقديم تكاليف أكثر جاذبية وأسواق أكثر تطوراً. وأشار إلى أن الشركات الصينية نفسها كانت المحرك الرئيسي لنقل الأنشطة الإنتاجية خارج الصين، وليس الشركات الأوروبية أو الأمريكية كما هو شائع.
وقد أدت هذه التحولات إلى سلاسل إمداد أكثر تعقيداً وكفاءة، خاصة داخل آسيا. فبدلاً من تصنيع منتج بالكامل في الصين وتصديره، أصبح من المعتاد الآن تصنيع الأجزاء الأساسية في الصين، وتجميع المكونات في فيتنام، ثم إتمام المنتج في ماليزيا.
لكن جائحة كوفيد-19 كشفت عن هشاشة هذا التعقيد، حيث أدت إغلاقات الموانئ والمصانع في الصين إلى شلل شبه تام في سلاسل التوريد العالمية. دفع هذا الشركات إلى تسريع استراتيجياتها لتنويع الموردين جغرافياً. كما أن الحرب في أوكرانيا زادت من ضرورة تقليل الاعتماد على الصين، وهو ما عززته السياسات الأمريكية بفرض رسوم جمركية مرتفعة.
وفي ظل هذا المناخ من عدم اليقين، تراجعت وتيرة الاستثمارات، لكن وينترز يعتقد أنها ستستأنف بقوة بمجرد اتضاح الرؤية بشأن الرسوم الجمركية. ولا تزال الشركات الأوروبية تستثمر بكثافة في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا. أما الاستثمار في الصين، فقد أصبح أكثر حذراً، حيث تتجه الشركات الغربية الآن إلى الإنتاج للسوق المحلي الصيني بدلاً من التصدير، خوفاً من الرسوم العقابية الأمريكية أو الأوروبية المحتملة.
ويرى وينترز أنه في الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة شريكاً أقل موثوقية، وتواجه فيه الصين تحدياتها الخاصة، فإن أوروبا قادرة على لعب دور أكبر. وقال: "اقتصادياً، أوروبا قوية جداً، لكن دبلوماسياً، وزنها غير كافٍ. السياسة الأمريكية الجديدة والتوترات بين واشنطن وبكين ساهمت في إعادة توحيد أوروبا، وهذه مجرد بداية".
وحول علاقة أوروبا بآسيا، أكد وينترز أنها يجب أن تظل منفتحة على الجميع، وألا تنحاز إلى أي معسكر، تماماً مثل الهند والبرازيل. فآسيا هي موطن الاقتصادات الأكثر ديناميكية في العالم. ومع ذلك، دعا إلى الحذر، مشيراً إلى ضرورة أن تحمي أوروبا صناعاتها من تدفق المنتجات الصينية، مثل السيارات الكهربائية، عبر فرض رسوم جمركية مستهدفة.
وختم بالإشارة إلى أن الهند تعد المستفيد الأكبر من استراتيجية "الصين + 1"، حيث تجذب جزءاً كبيراً من الاستثمارات الصناعية التي تبحث عن بديل للصين، على الرغم من التحديات البيروقراطية ونقص المهارات التي لا تزال تواجهها.