ماكرون يقترح فرض ضرائب على الاستهلاك لتمويل النموذج الاجتماعي الفرنسي

ماكرون يقترح فرض ضرائب على الاستهلاك لتمويل النموذج الاجتماعي الفرنسي

في كلمات قليلة

اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إعادة النظر في تمويل النموذج الاجتماعي، عبر نقل التركيز من الضرائب على العمل إلى الضرائب على الاستهلاك. ودعا إلى فتح مناقشات واسعة مع الشركاء الاجتماعيين حول هذه المبادرة، وكذلك حول جودة وأشكال العمل.


قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن تمويل النموذج الاجتماعي الفرنسي يعتمد بشكل كبير جداً على الضرائب المفروضة على العمل، مما يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل العاملين. واقترح الرئيس، كبديل محتمل لتمويل هذا النموذج، فرض ضرائب على "الاستهلاك".

في تصريحات له مؤخراً، أوضح ماكرون أنه يرغب في أن تفتح الحكومة نقاشاً حول هذا الموضوع مع كافة النقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل. وأشار إلى أنه "عندما ننظر إلى جيراننا، نجد أن بعضهم يفرض ضرائب أكثر على الاستهلاك".

هذا الاقتراح يفتح ورشة عمل جديدة وربما مثيرة للجدل في فرنسا. فالنظام الحالي للتمويل الاجتماعي، الذي يعتمد بشكل كبير على المساهمات المأخوذة من الرواتب (مثل CSG - المساهمة الاجتماعية العامة، و CRDS - المساهمة في سداد الدين الاجتماعي)، غالباً ما ينتقد بسبب ارتفاع تكلفة العمالة، مما يؤثر على تنافسية الشركات وقوة شرائية العاملين.

لطالما دعت منظمات أرباب العمل إلى تخفيف العبء الضريبي على كلفة العمل، واقترحت، على سبيل المثال، تطبيق "ضريبة القيمة المضافة الاجتماعية"، حيث يتم نقل جزء من المساهمات الاجتماعية إلى ضريبة القيمة المضافة، أي إلى الاستهلاك. ورغم أن ماكرون أقر بضرورة تخفيف العبء على العمل، إلا أنه أبدى تفضيلاً للبحث عن حلول عبر تخفيض مساهمات أرباب العمل بدلاً من إلغاء مساهمات أساسية مثل CSG/CRDS، كما اقترح البعض.

تطرق الرئيس أيضاً إلى مشكلة اقتصادية أوسع، مشيراً إلى أن "المشكلة الأكثر أهمية في فرنسا هي أنها لا تنتج بما يكفي". وشبّه فرنسا بالدول الأخرى مستخدماً تشبيهاً رياضياً: "عندما يلعب الألمان بـ 11 لاعباً في الملعب، نحن نلعب بـ 9. عندما تلعب الولايات المتحدة بـ 11، نحن نلعب بـ 8"، في إشارة إلى مستوى التوظيف والإنتاجية الأقل.

إلى جانب الجانب المالي، دعا ماكرون إلى فتح "مفاوضات اجتماعية" حول "جودة العمل وتطور أشكال العمل". وأشار إلى أن عدداً متزايداً من الشباب لا يرغبون في أن يكونوا موظفين بأجر تقليدي، بينما يريد عدد متزايد من كبار السن العمل بطرق مختلفة. ردت النقابات على ذلك بالقول إن مثل هذه المناقشات جرت بالفعل في الماضي لكنها لم تسفر إلا عن إجراءات محدودة.

تتزايد أهمية قضية تمويل النموذج الاجتماعي في ظل شيخوخة السكان وارتفاع تكاليف مجالات مثل رعاية كبار السن (الفرع الخامس للضمان الاجتماعي المخصص للاستقلالية). كما أن التكلفة العالية للعمالة الماهرة في فرنسا مقارنة بالدول المجاورة تثير تساؤلات حول تنافسية البلاد وقدرتها على الابتكار.

في الماضي، اتخذت الحكومة خطوات لتعديل نظام الضرائب على العمل، مثل إلغاء "الحد الاجتماعي" للشركات الصغيرة والمتوسطة أو جعل جزء من CSG قابلاً للخصم من الوعاء الضريبي على الدخل. يعتبر اقتراح ماكرون بفرض ضرائب على الاستهلاك مرحلة جديدة في النقاش المستمر حول كيفية الموازنة بين تمويل الحماية الاجتماعية والقدرة التنافسية للاقتصاد.

على الرغم من أن الآليات الدقيقة للضريبة المقترحة على الاستهلاك لا تزال غير واضحة، فإن الفكرة نفسها ستثير نقاشات واسعة بين السياسيين والنقابات ورجال الأعمال والجمهور، كونها تمس مبادئ أساسية في النظام الاقتصادي والاجتماعي الفرنسي.

Read in other languages

نبذة عن المؤلف

يوري - صحفي متخصص في قضايا الأمن والدفاع في فرنسا. تتميز مواده بالتحليل العميق للوضع العسكري والسياسي والقرارات الاستراتيجية.