
في كلمات قليلة
في مدينة روبيه الفرنسية، نجحت جزارة حلال في إعادة ابتكار منتجات الشاركوتيري الفرنسية التقليدية، مثل الباتيه والنقانق، باستخدام لحوم حلال وبدون خنزير. هذا الاتجاه يلبي طلب الجيل الثاني والثالث من المسلمين الذين نشأوا في فرنسا ويرغبون في دمج الثقافة الفرنسية مع معتقداتهم، ويمثل سوقاً متنامياً.
في مدينة روبيه شمال فرنسا، يزدهر عمل جزارة "بوشيري مولاتي" بتقديمها مفهوماً جديداً في عالم فن الطهي الأوروبي – إنتاج نسخ حلال من منتجات الشاركوتيري الفرنسية التقليدية، مثل الباتيه والسجق واللحوم المدخنة. جاء هذا الابتكار استجابة للطلب المتزايد من الجالية المسلمة، وخاصة الجيل الذي نشأ في فرنسا ويسعى للجمع بين ثقافته وتقاليد الطهي المحلية.
تصف فايزة غرايري، وهي جزارة في روبيه، تشكيلة المنتجات: "باتيه ريفي، باتيه رأس العجل مع الكراث، بالفلفل... وباتيه بالهندباء – هذا تخصص شمالي بامتياز!" مع اقتراب الأعياد، ستتمكن العديد من الأسر المسلمة من تذوق هذه المنتجات التي تشبه إلى حد كبير المنتجات الفرنسية الكلاسيكية من حيث المذاق والشكل، لكنها تلتزم بمعايير الحلال بالكامل.
تقدم الجزارة أنواعاً مختلفة من منتجات الشاركوتيري الحلال: سجق الثوم، ولحم الصدر البقري والعجول المدخن. كما يخططون لبدء إنتاج نسخة حلال من "التشوريذو"، وهو نوع من السجق يصنع تقليدياً من لحم الخنزير. بالنسبة لمنتجات مثل التشوريذو أو نقانق مورتو، سيتعين عليهم إيجاد أسماء جديدة لتجنب الخلط، نظراً لأن وصفاتها الأصلية تعتمد على لحم الخنزير.
تبيع مديرة المتجر لحماً يتم الحصول عليه بطرق أخلاقية، ومن مزارع قريبة، وبدون استخدام النترات. اكتشفت فايزة شغفها بصناعة منتجات اللحوم المعالجة أثناء تدريبها قبل عدة سنوات وقررت تكييفها لتكون حلالاً. تشرح قائلة: "لقد نشأنا في فرنسا، ولدينا ثقافة مزدوجة! نريد أيضاً الاستمتاع بأطباق الشاركوتيري والجبن أمام التلفاز مثل الآخرين. وحقيقة أننا لا نأكل لحم الخنزير لا تمنعنا من الاستمتاع بمنتجات شاركوتيري حرفية جيدة".
إلى جانبها، تعمل سيلين، وهي جزارة فرنسية الأصل، وتلعب دوراً حاسماً في تكييف الوصفات. تساعد في جعل المنتجات أقرب ما يمكن إلى مذاق المنتجات التقليدية. تقول سيلين: "بما أنني أعرف كيف يجب أن يكون الطعم، يمكنني تكييفها لتشمل منتجاتنا الحلال أكبر قدر ممكن من النكهات". يتم استبدال لحم الخنزير في الوصفات بلحم العجل مثلاً.
نورا، وهي زبونة دائمة، تعبر عن إعجابها: "كنا نشم الرائحة فقط، لكننا كنا نرغب في تناولها. والآن أصبحت متوفرة كحلال، والأهم أنها أخلاقية، مع خبز وزبدة جيدة. ما تفعله رائع حقاً".
يشير عباس بندلي، المتخصص في التسويق "الهوياتي"، إلى أن محلات الشاركوتيري الحلال هذه، التي تقدم منتجات مستوحاة من المطبخ المحلي، تتزايد استجابة للطلب. يقول: "خاصة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و 50 عاماً، والعائلات التي تنتمي اليوم إلى الطبقة الوسطى أو حتى العليا، يولون اهتماماً كبيراً لما يستهلكونه. لذلك ينجذبون إلى المنتجات العضوية والحرفية. هذا الطلب ينمو ويجذب اليوم هذا الجيل من المستهلكين المنحدرين من الجيل الثاني والثالث من المهاجرين".
كما يمثل هذا سوقاً ضخماً. يقدر سوق المنتجات الحلال في فرنسا بـ 2-3 مليار يورو سنوياً.