
في كلمات قليلة
حمية باليو، التي تعتمد على نمط غذاء الصيادين والجامعين، تستبعد الأطعمة المصنعة والحبوب ومنتجات الألبان. على الرغم من وعودها بالصحة والوزن المثالي، فقد تخلت عنها مؤخراً الممثلة الشهيرة غوينيث بالترو. نستعرض في هذا التقرير جوهر الحمية ومخاطرها الصحية المحتملة، وفقاً لخبراء التغذية.
تعد حمية باليو (Paleo Diet) بإنقاص الوزن واستعادة الصحة من خلال تناول الطعام كما كان يفعل أسلافنا في عصور ما قبل التاريخ. لكن في الوقت الذي يتخلى فيه بعض أشهر مؤيديها، مثل الممثلة غوينيث بالترو، عن هذا النظام، يطرح السؤال: ما هي القيمة الحقيقية لهذه الحمية؟
في اعتراف صريح، أعلنت نجمة هوليوود وغورو العافية، غوينيث بالترو، أنها قررت التخلي عن حمية باليو التي كانت تتبعها بحماس. وقالت إنها "سئمت" من مطاردة الحبوب والنشويات ومنتجات الألبان، مشيرة إلى أنها عادت لتناول "الخبز والمعكرونة والجبن"، ومعترفة بأنها كانت "صارمة جداً" مع نفسها.
ماذا يعني الأكل مثل صيادي العصر الحجري؟
تقوم حمية باليو على فكرة أن أجسامنا مصممة وراثياً لتناول الطعام مثل الصيادين والجامعين قبل 10 آلاف عام. وهي تستبعد بشكل صارم جميع المنتجات المصنعة، ومنتجات الألبان، والحبوب، والبقوليات، والسكريات المضافة. من الناحية النظرية، يتكون النظام من الأطعمة الخام و"الطبيعية" فقط: اللحوم (يفضل الطرائد)، والأسماك، والبيض، والخضروات النيئة، والتوت، والجذور، والمكسرات.
لكن الدكتورة ماري-كريستين بوترون-روو، طبيبة الجهاز الهضمي ومديرة الأبحاث الفخرية في المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية (Inserm)، ترى أن هذا النموذج الصارم غير قابل للتطبيق. وتقول: "لقد تغيرت الحيوانات والأطعمة بشكل جذري منذ ذلك الحين. إن محاكاة هذا النمط الغذائي بأمانة أمر مستحيل اليوم".
فوائد مشتركة ومخاطر صامتة
تكمن جاذبية حمية باليو في أنها تركز على قاعدة صحية مثبتة: يجب أن نأكل أطعمة أقل معالجة وأكثر طبيعية. وتؤكد الدكتورة بوترون-روو أن "إزالة المنتجات فائقة المعالجة أمر مفيد بالضرورة". وقد أظهرت الأبحاث وجود صلة واضحة بين الأغذية الصناعية وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة والسرطانات.
كما أن الحمية تساعد على فقدان الوزن لأنها تقلل من استهلاك السكر والملح والصلصات، مما يدفع الناس إلى تناول كميات أقل. ومع ذلك، تشير الخبيرة إلى أن هذه الآثار الإيجابية ليست حكراً على باليو ويمكن تحقيقها من خلال أي تعديل غذائي معقول.
في المقابل، تحمل حمية باليو مخاطر صحية صامتة لا ينبغي تجاهلها. أولها هو نقص الكالسيوم. تحذر الدكتورة بوترون-روو من أن "استبعاد منتجات الألبان يحرمنا من المصدر الأكثر تركيزاً وسهولة للحصول على الكالسيوم"، مما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام والكسور.
النقطة الثانية هي الاستهلاك المرتفع للحوم. يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول اللحوم الحمراء إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. وتوصي الخبيرة بعدم تجاوز 500 جرام من اللحوم الحمراء أسبوعياً، مع تفضيل الدواجن أو الأسماك الغنية بأوميغا 3.
نصيحة الخبراء: لا حاجة للعودة إلى الكهوف
تنصح الدكتورة بوترون-روو أي شخص يرغب في اتباع هذا النظام بضرورة الاستعانة بأخصائي تغذية. والأهم من ذلك، تدعو إلى عدم الانزلاق إلى الهوس الغذائي، محذرة من اضطرابات الأكل التي قد تنجم عن تحويل الطعام إلى "عقيدة أو دين".
في الختام، تؤكد الخبيرة أن الأكل الصحي لا يتطلب العودة إلى عصور ما قبل التاريخ. يكفي التركيز على "الأطعمة الكاملة والموسمية والمطبوخة في المنزل، مع الحد من المنتجات المصنعة"، أي الاعتماد على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات والبروتينات ومنتجات الألبان، مع الانتباه إلى الجودة والنضارة.