لمواجهة تراجع المواليد.. الصين تقدم حوافز مالية جديدة للأسر

لمواجهة تراجع المواليد.. الصين تقدم حوافز مالية جديدة للأسر

في كلمات قليلة

لمواجهة أزمة ديموغرافية حادة، أعلنت الصين عن خطة لتقديم علاوات مالية للأسر التي تنجب أطفالاً اعتبارًا من عام 2025. تأتي هذه الخطوة في ظل انخفاض عدد السكان للعام الثالث على التوالي وشيخوخة المجتمع، مما يهدد النمو الاقتصادي للبلاد. ورغم أن الخبراء يرون أن المبالغ قد لا تكون كافية لإحداث تغيير فوري، إلا أنها تعتبر تحولًا هامًا في سياسة الدولة.


يبدو أن زمن سياسة الطفل الواحد قد ولى. تعمل الصين الآن على تقديم حوافز مالية لتشجيع مواطنيها على الإنجاب. فقد أعلنت الحكومة مؤخرًا أن الآباء سيحصلون على علاوات عائلية تصل إلى 3600 يوان (أي حوالي 420 يورو) سنويًا عن كل طفل دون سن الثالثة يولد اعتبارًا من 1 يناير 2025. وتأمل البلاد من خلال هذا الإجراء في الخروج من دوامة التدهور الديموغرافي التي تواجهها منذ عدة سنوات.

لم تعد فرنسا الدولة الوحيدة التي تشهد انخفاضًا في معدل المواليد. ففي الصين، أدت تكلفة تعليم الأطفال والخوف من تأثير ذلك على المسار المهني إلى تراجع الرغبة في الإنجاب بشكل متزايد. ولم يتمكن التخلي عن سياسة الطفل الواحد في عام 2016، بعد 35 عامًا من تطبيقها، من عكس هذا الاتجاه السلبي.

انخفاض المواليد إلى النصف مقارنة بعام 2016

شهد عدد سكان البلاد انخفاضًا في عام 2024 للعام الثالث على التوالي. ففي ذلك العام، انخفض عدد المواليد إلى النصف مقارنة بعام 2016، ويعد معدل الخصوبة في الصين من بين أدنى المعدلات في العالم، حيث يبلغ حوالي 1.2 طفل لكل امرأة، وهو بعيد كل البعد عن معدل الإحلال البالغ 2.1. يضاف إلى ذلك شيخوخة السكان، ففي عام 2024، كان ما يقرب من 310 ملايين صيني يبلغون من العمر 60 عامًا أو أكثر، مما يثير قلق السلطات بشأن تمويل أنظمة التقاعد. ونتيجة لذلك، لم تعد الصين الدولة الأكثر سكانًا في العالم بعد أن تجاوزتها الهند في عام 2023.

هذا ليس القلق الوحيد الذي يواجه "الإمبراطورية الوسطى". إذ يثير انخفاض المواليد مخاوف من تداعيات سلبية على النمو الاقتصادي، وقد يزعزع القوة الصناعية للبلاد. وفي مارس 2025، خلال الدورة السنوية للبرلمان، لم يفت رئيس الوزراء الصيني التذكير بهذا التهديد قائلاً: "يجب دعم معدل المواليد الذي يشهد هبوطًا حادًا، لا سيما من خلال إعانات لتعليم الأطفال."

تحاول الحكومة عكس هذا الاتجاه بوسائل متعددة، بما في ذلك تسهيل الحصول على خدمات رعاية الأطفال. وقد تم بالفعل إطلاق برامج دعم مالي على المستوى المحلي، خاصة لزيادة عدد الأسر الكبيرة. فعلى سبيل المثال، تمنح بلدية هوهوت في شمال البلاد 100 ألف يوان على مدى عشر سنوات (ما يقرب من 12,700 يورو) للآباء الذين ينجبون طفلًا ثالثًا.

هل المبالغ المطروحة كافية؟

يبقى السؤال: هل سيكون المال كافيًا لعكس منحنى المواليد؟ الأمر ليس مؤكدًا. ففي العديد من المدن الصينية التي طبقت حوافز مالية، ظلت أقسام الولادة شبه خالية. لكن هناك استثناء واحد: مدينة تيانمن، حيث ارتفع عدد المواليد بشكل ملحوظ. وتعتبرها الحكومة الصينية نموذجًا يحتذى به.

ومع ذلك، يرى العديد من المحللين أن هذه الإعانات الجديدة لن تكون كافية. حيث صرح زيتشون هوانغ، الخبير الاقتصادي المتخصص في الشأن الصيني، بأن "المبالغ المطروحة ضئيلة جدًا بحيث لا يمكن أن يكون لها تأثير على المدى القصير على معدل المواليد". ولكنه أشار إلى أن هذه الخطوة تمثل "تحولًا مهمًا" قد "يمهد الطريق لمزيد من المساعدات المالية في المستقبل".

فهل سينجح هذا التحول في تغيير التوقعات؟ في الوقت الحالي، تقدر الأمم المتحدة أن عدد سكان الصين قد ينخفض من 1.4 مليار نسمة اليوم إلى 800 مليون نسمة بحلول عام 2100.

نبذة عن المؤلف

كريستينا - صحفية تكتب عن التنوع الثقافي في فرنسا. تكشف مقالاتها عن الخصائص الفريدة للمجتمع الفرنسي وتقاليده.