الحرب التجارية العالمية وأفريقيا: كيف يمكن للرسوم الجمركية أن تدعم التنمية؟

الحرب التجارية العالمية وأفريقيا: كيف يمكن للرسوم الجمركية أن تدعم التنمية؟

في كلمات قليلة

في ظل التحولات في التجارة العالمية وتزايد الحماية التجارية، يمكن للدول الأفريقية الاستفادة من الرسوم الجمركية كأداة استراتيجية لدعم الصناعات المحلية وزيادة إيرادات الميزانية. يمثل التطبيق الذكي للتعريفات ومكافحة الاحتيال الجمركي فرصة للتنمية في القارة.


في خضم التوترات التجارية المتزايدة والابتعاد عن نموذج التجارة الحرة، تجد الدول الأفريقية فرصة فريدة لاستخدام الرسوم الجمركية كأداة قوية لتحفيز تنميتها الاقتصادية وتعزيز ميزانياتها. بدلاً من الإجراءات العشوائية التي تُلاحظ أحياناً على الساحة الدولية، يمكن للتطبيق الاستراتيجي والمستهدف للرسوم الجمركية أن يجلب فوائد كبيرة لأفريقيا.

الوضع الحالي، الذي تميز بإجراءات أمريكية لمراجعة التعريفات الجمركية، يثير تساؤلات حول مبادئ التجارة الحرة التي سادت لعقود. هذا يقلل من الضغوط التي كانت تمارسها المؤسسات الدولية في السابق على دول الجنوب للتخلي عن الإجراءات الحمائية مقابل المساعدات المالية، كما حدث في إطار برامج التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي.

لقد أثبت فرض رسوم جمركية على الصادرات (مثل المواد الخام) أو الواردات (مثل المنتجات النهائية) فعاليته في دعم التحول المحلي في أفريقيا. على سبيل المثال، ساهم حظر تصدير الأخشاب الخام في الغابون عام 2010 في جعل البلاد رائدة عالمياً في إنتاج وتصدير الخشب الرقائقي. وفي السنغال، تزدهر صناعة الدواجن بفضل حمايتها من المنتجات الأكثر تنافسية من أمريكا الجنوبية عبر التعريفات الجمركية.

التحدي الرئيسي للدول الأفريقية هو استخدام الأدوات الجمركية (التعريفات، الحصص، حظر التصدير) بطريقة مستهدفة ومعقولة، لتعزيز نمو القطاعات الصناعية المحلية وليس إعاقتها. مثال قطاع المكسرات (الكاجو، المكاديميا) يوضح ذلك: مجرد تطبيق رسوم على تصدير الكاجو الخام قد يكون غير مجدٍ في السياق الأفريقي، حيث يمكن أن يتطور التصدير غير الرسمي أو يبتعد صغار المنتجين عن الزراعات التي لم تعد جذابة بما يكفي. يجب أن يصاحب المبادرة الجمركية تدابير أوسع تدعم التصنيع المتكامل للسلاسل الإنتاجية، بما في ذلك الإعانات للمصنعين المحليين، وتطوير أنشطة لاستغلال المنتجات الثانوية (مثل قشور الكاجو)، وتوفير التمويل المناسب للصناعيين. هذا ما حقق النجاح لقطاع الكاجو في كوت ديفوار خلال السنوات الأخيرة، حيث تخطط لمعالجة 50% من إنتاجها الخام محلياً بحلول عام 2030.

بالإضافة إلى الصناعة، تعتبر المسألة الجمركية حاسمة لتحدٍ آخر كبير للدول الأفريقية وهو ميزانياتها، خاصة في وقت يتراجع فيه "التعددية السخية" من الدول الشمالية، بينما تتزايد الاحتياجات المالية بشكل كبير.

إن تطبيق التدابير الجمركية ومراقبة الامتثال لها بدقة هو مفتاح لتأمين الإيرادات. في عام 2020، قدرت الأمم المتحدة أن الخسارة السنوية للدول الأفريقية بسبب التدفقات المالية غير المشروعة، بما في ذلك الاحتيال الجمركي، تبلغ حوالي 90 مليار دولار. هذه الاحتيالات (تقليل القيمة، التصنيف الخاطئ للبضائع أو المنشأ للوصول إلى رسوم مخفضة، المرور عبر شركات وسيطة في ملاذات ضريبية) تؤثر على تدفقات الاستيراد والتصدير على حد سواء، وتشمل مجموعة متنوعة من المنتجات، من الأغذية المجمدة إلى المعادن.

لمكافحة هذه الممارسات، تمتلك الدول الأفريقية عدداً متزايداً من الأدوات، خاصة التكنولوجية. إن الرقمنة والمواءمة والترابط بين أنظمة الجمارك بين الدول المجاورة هي في صميم مشروع SIGMAT، الذي أطلقته عدة دول في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) عام 2019. بالإضافة إلى التعاون الإقليمي، يعتبر اللجوء إلى حلول مبتكرة (مثل الذكاء الاصطناعي) وتحسين تدريب موظفي الجمارك أمراً ضرورياً لإدارة أفضل للتدفقات التجارية الدولية. مثال بارز على ذلك هو نجاح كوت ديفوار: في أوائل عام 2010، أطلقت السلطات مشروعاً لتطوير وتحسين نظامها للرقابة الجمركية، خاصة فيما يتعلق بقيمة السلع. بدعم من مستشار خاص خارجي، تم التعاقد معه لفترة محدودة لتجنب الاعتمادية، حققت أبيدجان هدفها، حيث زادت إيراداتها الجمركية بنسبة 70% في أقل من عقد من الزمن.

وهكذا، في وقت تجدد فيه التوترات التجارية الدولية، تتاح للدول الأفريقية فرصة استراتيجية لتحديث وتعزيز ترسانتها الجمركية بذكاء، لتصبح فاعلاً رئيسياً في تنميتها الصناعية والميزانية.

Read in other languages

نبذة عن المؤلف

ماريا - صحفية في قسم الثقافة، تغطي الأحداث في عالم الفن والترفيه في فرنسا. تجد مقالاتها عن هوليوود، برودواي، والمشهد الموسيقي الأمريكي صدى لدى القراء.